مختارات من الموقع
|
|
|
|
لست صاحب حقوق ملكية هذا التشبيه، ولكن يستهويني دائماً الاستشهاد به، مع إضافة بعض الاستفاضة.
ذلك الرجل الكهل الثمل في تلك الحانة المتواضعة، تراه أحياناً في الأفلام يحدِّث نفسه بتلك الهلاوس والتخاريف التي اختلقها مفعول الخمر في رأسه المحلق بعيداً، بعيداً جداً. في البدء، لا يستمع له أحد، ثم يقترب منه شخص، اثنان، ثلاثة، حتى تلتف حوله مجموعة لا بأس بها، عشرة أفراد ربما، أثار اهتمامهم وتشويقهم كلام الكهل فصار تسليتهم الرئيسية، طبعاً لا أحتاج أن أخبرك أنهم جميعاً مخمورون مثله. ربما يبدو مثال الحانة غريباً بعض الشيء عن بلادنا، عموماً تستطيع أن تستبدل بها "غرزة حشيش"، يرتادها حفنة من "المساطيل"، ولكن ليس هذا هو المهم. دعا عمرو أديب بالأمس عبر برنامجه الشعوب والحكومات العربية لإرسال برقيات وتغريدات تأييد ومساندة لتيد كروز عضو الكونجرس الأمريكي والمرشح الرئاسي السابق..وذلك بمناسبة تقدم كروز بمشروع قانون إعتبار الإخوان المسلمين جماعة إرهابية...
____________________________ فمن هو تيد كروز الذي يريد أديب منا تشجيعه ومبايعته ؟ ____________________________ التمييز ومعنى الوطنية
21/8/2020
غلاف العدد الجديد من مجلة التايم الأشهر في أمريكا ماعليهوش صورة براد بيت وانجلينا جولي..ولا جنيفر انيستون.. عليه صورة كولين كيبرنيك..نجم كرة القدم الأمريكية... مش لأنه فاز ببطولة أو أحرز هدف تاريخي..ولا بمناسبة اعتزاله.. لأ.. لأنه بدل ما يقف احتراما للسلام الوطني الأمريكي..قرر أنه يقعد على ركبة واحدة..فى حركة احتجاجية على قتل الشرطة للسود هناك...والتمييز ضدهم... حركة كيبرنيك انتشرت..الأول قعد جنبه زميله فى الفريق اريك ريد... الواحد بقى اتنين..والاتنين بقوا تلاتة..والتلاتة عشرة..وبعدين فرق كاملة..حتى فى المدارس الأمريكية.. ومازالت الحركة بتنتشر..في الأول كان السود والملونين بس اللى بيقعدوا..لكن ابتدى كتير من زملائهم البيض يشاركوهم.. ___________________________ كيبرنيك قال: "أنا مش هاقف افتخاراً بعلم دولة بتظلم الملونين.. الموضوع بالنسبة لى أكبر من كرة القدم..وهابقى أناني لو عملت نفسى مش شايف وبصيت الناحية التانية.. فيه جثث في الشوارع..وفيه قتلة ماحدش بيحاسبهم على جرايمهم.. لما البلد دى تتغير وأحس ان العلم الأمريكي بيمثل لي اللى المفروض يمثله..وان البلد دى بتعامل كل مواطنيها بالشكل اللائق هاقف للسلام الوطني.." تلقى تهديدات بالقتل فكان رده: لو نفذوا تهديداتهم يبقى ده أكبر اثبات لموقفى من اللي بيحصل فى البلد دى.. ___________________________ البعض شبهوا موقف كيبرنيك بموقف محمد على التاريخي من حرب فيتنام فى الستينات.. وبشكل عام...حصل انقسام في الرأى العام الأمريكي بخصوص موقف كيبرنيك وزمايله.. ************ المؤيدين قالوا: - شىء مؤسف ان شاب عنده 28 سنة يعلم الكبار والقادة في الأمة دي معاني العدل والحرية وتوحيد الشعب.. - احنا ليه بنعتبر انه مش وطنى لأنه عمل كده..وبنعتبر اللى بيلفوا نفسهم بالعلم ويعملوا أعمال غير أخلاقية وطنيين ؟!! هى الفكرة فى قماش العلم ولا فى المبادىء اللى بيمثلها العلم ؟؟!! - الحقيقة ان كيبرنيك مش ضد الولاء للعلم..هو بينفذ حرفيا آخر 3 كلمات في نص قسم الولاء: "أقسم بالولاء لعلم الولايات المتحدة الأمريكية..وللجمهورية التى يمثلها العلم..أمة واحدة تحت الرب..موحدة..وتنعم بالحرية والعدل للجميع.." ************ فيه ناس محايدين قالوا: احنا مش موافقين على اللى بيعمله..بس من حقه يعمله من غير ما حد يخونه.. ************ المضحك بقى والظريف هو تعليقات "الدولجية الأمريكان"...اللى نسخ طبق الأصل من البلاوى اللى عندنا.. وسبحان الله...السياسيين منهم هم أشد مؤيدى السيسي هناك... اللى ضد كيبرنيك وزملاءه قالوا حرفيا: # خللى أمك تروح تحرس الحدود...(سيبك من الكورة..وروح البس زى الشرطة وانزل اقف في الشارع زيهم وحارب المجرمين واتعرض للى بيتعرضوا له).. # مش عاجباك البلد دى وعلمها وسلامها..غور منها وروح شوف لك بلد تانية تعيش فيها... (دونالد ترامب) # الكبيرة بقى جت من عضو الكونجرس ستيف كينج: اللى بيقعدوا أثناء السلام الجمهورى دول إخوان.."متعاطفين مع داعش"... :) ومن الجدير بالذكر ان ستيف كينج ده ضيف مستديم على السيسي في مصر..لدرجة انه مرة وفد من الكونجرس جه مصر وماخدوهوش..فصمم ييجى معاهم على حسابه وقال: "يجب أن نقف خلف الرئيس السيسي بكل قوة لأنه يمثل أتاتورك العصر الحالي للإسلام على مستوى العالم.." _____________________ ومازال الجدل مستمراً...علشان كده طلع غلاف التايم..بصورة كيبرنيك وعنوان بيدور حوالين التمييز ومعنى الوطنية.. هل الوطن مجرد مقدسات جامده حتى لو استولت على مقدراته فئة معينة..واحتكرتها..وانت مطالب ترضخ للى يقرروه..يا اما تبقى خاين ؟ ولا الوطن قيم ومبادىء وحقوق وشعور بالإنتماء..وولاءك لرموزه مرتبط بتحقيق كل ده ؟ _____________________ مصادر ومعلومات إضافية: ________________ https://www.alaraby.co.uk/…/%D9%82%D8%B3%D9%85-%D8%A3%D9%85… http://time.com/…/45039…/october-3rd-2016-vol-188-no-13-u-s/ https://mic.com/…/why-are-athletes-kneeling-during-the-nati… http://www.huffingtonpost.com/…/colin-kaepernick-time-cover… http://www.breitbart.com/…/rep-steve-king-travels-to-egypt…/ غياب المبادرة والإبداع
21/8/2020
![]() لفت نظري فى انقلاب تركيا...رغم انه ماستمرش الا ساعات...روح المبادرة والإبداع العفوية عند الناس هناك... اللى ولع فى الحقل بتاعه وضحى بيه علشان طيارات الإنقلاب ماتعرفش تضرب من الدخان.. وعربيات المطافى اللى حطوها على الرانواى علشان الطيارات ماتعرفش تطلع... وعربيات البلدية اللى فضوا العجل بتاعها وسدوا بيها مخارج معسكرات الجيش الإنقلابي... وفى اماكن اخرى سدوا بيها الشوارع قدام الدبابات... طبعا نتخيل تطور الأساليب دى لو كان الإنقلاب طول..مع استمرار المقاومة... فيه طبعا اساليب شبيهة كانت بتتبع فى امريكا اللاتينية...زى انهم كانوا مثلا يجيبوا عربيات رمل ويفضوا اللى فيها فى الحتت المؤثرة... ___________________________ عندنا استنينا 30 سنة على مبارك لحد قلم البوعزيزى والثورة التونسية...علشان نفتكر انه ممكن الشعب يتحرك.. ولما اتحركنا قلدنا التونسيين نقل كربون.. وفضلنا علوضعنا..طول سنين الثورة المصرية..اعتصام فى ميدان وخلاص... بعد الإنقلاب وفض رابعه والنهضة..مسيرات وخلاص.. ستامبات... موظفين درجة تالتة...مستنيين مدير يقول لنا نعمل ايه بعد كده.. ودلوقتى سكون وموت...لحد ما ييجى حدث او شعب تانى يعمل حاجه ممكن يتقلد..فنقلده... __________________________ فى رأيي انه من أكبر عيوب الشعب المصرى سواء فى حياته اليومية أو ثورته..غياب روح المبادرة والإبداع.. وده له سببين فى تصورى: سوء مستوى التعليم القائم على التلقين والحفظ وانعدام التفكير أو حتى مجرد القراءة خارج الصندوق.. وده بيعمل كمان نوع من التبعية وانتظار القائد المخلص..اللى مش بييجى ابدا..فيعقد المشكلة أكتر... والسبب التانى هو انحصار حياة المصريين - من منتصف عهد السادات - كلهم تقريبا او على الأقل الطبقة المتوسطة كلها فى دايرة واحدة...شغل ومدارس ودروس خصوصية وثانوية عامة وكليات وتجنيد ومولات وفطار وغدا وعشا ومصايف وتليفزيون ونوادي وتقاليع وهرى فى اى هيافه... حتى الهيافه..بتبقى برامج وافلام ومسلسلات منقولة بالكربون من بره.. أما الخروج عن الصندوق..فبيبقى فى شكل كفتة عبد العاطى والوحش المصري والطالب اللى حطم نظرية اينشتاين والرياح الشمالية غربية اللى بتحدف الصواريخ بعيد.. أخذ الحق صنعة..شباب أطباء بريطانيا
20/8/2020
![]() علشان نتعرف على اللي بيحصل في أماكن تانية من العالم.. النهارده شباب الأطباء في انجلترا صوتوا لصالح القيام بإضراب هو الأول من 40 سنة.. الإضراب 24 ساعة ولا يشمل خدمات الطوارىء يوم 1 ديسمبر...وإضراب كامل يشمل الطوارىء أيضا من 8 صباحا ل5 مساءا يومي 8 و16 ديسمبر (أثناء ساعات العمل العادية..علشان الدكاترة الكبار يشيلوا الطوارىء في اليومين دول)... وأعلنوا ده من دلوقتى..علشان المستشفيات ترتب أمورها قبل الإضراب بوقت كافي.. التصويت شارك فيه 76% من شباب الأطباء..(37 ألف طبيب)..و98% منهم وافقوا على الإضراب.. اللى نظم الإستفتاء وهايقود الإضراب الBMA (الإتحاد الطبي البريطاني)...أو نقابة الأطباء هناك.. وده كل وظيفته انه يدافع عن حقوق الأطباء.. فيه مؤسسات أخرى بتقوم بالتعليم الطبي ومشاريع العلاج ومشاريع الإغاثة وتسجيل الأطباء ومراقبة أداءهم ومحاسبتهم والمصايف والامتحانات والمعارض...ده مش شغل نقابات...المفروض يعني.. الإضراب ده مرحلة جديدة بعد فشل مفاوضات مستمرة من سنتين مع الحكومة.. والحكاية ابتدت لما الحكومة أعلنت في 2012 انها هاتعمل تعاقدات جديدة مع شباب الأطباء ابتداءا من أغسطس 2016.. الأطباء شافوا ان العقود دي مش عادلة للدكاترة ومش آمنة للمرضى..فالطرفين كلفوا جهة محايدة انها تحكم..الجهة المحايدة دى عبارة عن مجلس من خبراء طبيين وقانونيين ومحاسبين وممثلين للمرضى وغيرهم..قرروا انهم يدرسوا الموضوع سنة..وخلال السنة دي سمعوا كل الأطراف..ودرسوا العقود المماثلة فى الدول الأخرى..وتبحروا في عواقب كل الخيارات والتنظيمات والقوانين اللي بتحكم العمل عموما والعمل الطبي خصوصا.. بناءا على توصيات المجلس ده..الحكومة قدمت عرض بعقد جديد الشهر ده.. العقد ده ماعجبش الأطباء..لأنه مابيراعيش مطالبهم التالية: - مايتحددش ميعاد اجبارى لبدء تنفيذ العقد من غير موافقتهم.. - ماحدش يشتغل عدد ساعات زيادة عن المعقول بشكل يأثر على أداء الدكاترة.. - ماتتسحبش أى مزايا عن الموجود حاليا.. - اللى يضطر يشتغل ساعات زيادة ياخد زيادة مناسبة في الأجر.. - الشغل يوم السبت والحد له حساب مخصوص.. - مافيش شغل زيادة ببلاش تحت أى ظرف.. - اللى تشتغل نصف الوقت أو تاخد اجازة بسبب الوضع أو رعاية الأبناء لا تعامل معاملة أقل.. العقود الجديدة كان المفروض هاتتنفذ فى بريطانيا كلها..لكن نتيجة للقلق ده اسكتلندا وويلز وايرلندا تراجعوا..وقالوا: مش هاننفذ أى عقود جديدة الا لما الأطباء يبقوا راضيين عنها.. والحكومة الإنجليزية لسه مصممة تمشى فى الموضوع.. اللطيف في الموضوع 3 أمور: 1- ان الحكومة حبت تحرض كبار الأطباء والكليات الملكية اللي بتدرب الأطباء وتمنحهم الشهادات وجمعيات حقوق المرضى والمجلس الطبي العام اللى بيعاقب الأطباء لما يغلطوا علشان يضغطوا على شباب الأطباء انهم يتراجعوا..خاصة وان كبار الأطباء هم اللى هايشيلوا الطين أثناء الإضراب..والمرضى ممكن يتضرروا..لكن كبار الأطباء وجمعيات المرضى والكليات الملكية والمجلس الطبي رفضوا يتدخلوا..وقالوا ان الأطباء من حقهم يضربوا عاااااااااااااااادي...علشان ياخدوا حقوقهم.. 2- انه لما ابتدى القلق فى 2012..شباب الأطباء ساعتها كانوا عارفين انه على ما تيجي 2016..هايكونوا كبروا والموضوع مش هايضرهم..لكن هايضر الدفعات التالية..ومع ذلك أصروا انهم يخوضوا معركة هاتضرهم وتفيد غيرهم...وتجنبها كان هاينفعهم ويضر غيرهم..ومع ذلك كملوا...وماشتروش دماغهم.. مش بس كده..فيه ناس هايضربوا الشهر الجاي وتتخصم لهم فلوس في الأيام اللى هايضربوا فيها..رغم ان العقود مش هاتتطبق عليهم.. وبالتالى الدفعات الجديدة اللى هاتتضرر فعلا دخلت حياتها العملية والقضية مثارة على أشدها بالفعل علشانهم..وماكانوش مضطرين يبتدوا معركة منتهية ومحسومة ضدهم..لو كانت العقود أقرت من 2013..وساعتها ماكانوش هايقدروا يعترضوا.. 3- ان الحكومة ابتدت تحرض الشعب على الأطباء..وانهم ماعندهمش ضمير وطماعين..ومش حاسين بمعاناة المرضى..اللي هايموتوا نتيجة أنانية الأطباء....فالإتحاد الطبي جهز مجموعة كبيرة من الفيديوهات وموقع مخصوص وسلسلة من المظاهرات على مدى الشهور اللى فاتت..قلب من خلالها الطرابيزة على الحكومة وشرح للعامة ان العقود الجديدة دى هى اللى هاتضر المرضى وانهم مضطرين يتصدوا للموضوع ده علشان مصالح المواطنين فى رعاية طبية آمنة مش هاتتحقق إلا لما الدكاترة يشتغلوا بشكل لائق.. وانهم عملوا الترتيبات اللازمة ان الرعاية بتاعتهم ماتتأثرش فى فترة الإضراب..وانه لو حصل تقصير يبقى نتيجة ان الحكومة ماعملتش بالترتيبات دي.. والنتيجة ان أحدث استطلاعات الرأى أظهرت ان 74% من الشعب مع إضراب الأطباء.. ___________________________ الموقع اللى بيشرحوا فيه كل حاجه عن الإضراب http://bma.org.uk/…/ddrb-recommendations-analysis-f…/ia-faq… الفيديوهات https://www.youtube.com/watch?v=jK9cj8H31VA http://www.independent.co.uk/…/nhs-junior-doctors-have-over… https://www.youtube.com/watch?v=f6FakZfJsgQ http://www.bbc.com/news/health-34859860 https://www.youtube.com/watch?v=UHv9-3i6wBg https://www.youtube.com/watch?v=XKDegzweOeg http://www.telegraph.co.uk/…/12000618/junior-doctors-nhs-st… على مدى عامٍ كامل..بذل ستيفين هاربر رئيس وزراء كندا كل جهد ممكن لحشد الشعب هناك ضد المسلمين (المتطرفين)... هذا الرجل معروف من الأصل بمساندته الشديدة لإسرائيل بدون تحفظات..ولا يخجل من التعبير عن ذلك في كل مناسبة..حتى تلك المناسبات التي يدين فيها العالم بأسره الكيان الصهيوني.. وجاء الحادث الإرهابي بالبرلمان الكندي في أكتوبر 2014..ليزيح الستار عن مرض آخر عضال يعاني منه هاربر..ألا وهو الإسلاموفوبيا.. استغل هاربر الحادث ليدلي بسنارته في (المية العكرة)..فأعلنها حرب ضد "الإرهاب" و"أهل الشر"..الذين يعيشون في وسط الشعب الكندي..ويريدون أن "ينزعوا عنه هويته".. أمعنت حكومته العنصرية في رفض طلبات اللجوء السياسي التي ترد من "المسلمين" دون غيرهم...بلا حياء ولا مواربة... وصل به "الشطط السيساوى" أنه دعا المواطنين للإبلاغ عن جيرانهم المسلمين إذا شكوا فيهم... على مدى الأسابيع الماضية شغل نفسه عن احتياجات الناس الحقيقية بواقعة السيدة المسلمة التي رفضت خلع نقابها أمام الرجال في احتفال الحصول على الجنسية (رغم أنها وافقت على خلعه أمام لجنة من النساء وحصلت على حكم محكمة بذلك).. قال هاربر أن هذا السلوك من السيدة "غير كندي"...بمعنى أنه خارج عن اطار الهوية والمنظومة القيمية الكندية... ************* لم يبلغ الكنديون السلطات عن جيرانهم المسلمين...ولكنهم أبلغوا صناديق الإنتخاب أن هاربر شخص غير مرغوب فيه...لأن أداءه (غير كندي)... ورغم ان هاربر لم يصل للحكم على فوهة دبابة..ولم يعطل الدستور..ولم يذبح معارضيه فى الشوارع..ولم يغلق قنواتهم..ولم يرشي القضاة ليحكموا عليهم بالإعدام..ولم ينصب على شعبه بمشاريع فنكوشية..ولم يعين لصوصاً في مناصب الدولة..ولم يعد ببلاده للقرون الوسطى..ولم يجعلها أضحوكة العالم..ورغم أن الإقتصاد الكندي من أفضل 10 اقتصادات في العالم...إلا أن ما فعله هاربر كان كافياً ليصفعه الشعب... المواطن الرشيد المتمسك بحقوقه وحرياته الشخصية لا يرضى أبداً أن تُنتزع حقوق وحريات إخوانه فى الوطن...حتى لو كان هذا الإنتزاع لمصلحته مؤقتاً... فالدور سيأتي عليه يوماً عندما تتعارض مطالبه مع ما تريده النخبة الحاكمة..والحقوق والحريات تفقد معناها من الأساس عندما تكون لفئة على حساب فئة.. انتخب الناس منافسه الشاب جاستين ترودو الذي يؤمن أن (الكندية) هى النقيض لما يقوله ويفعله هاربر العنصري.. ليس هذا فحسب.. انتخب المصوتون أيضا 10 مسلمين في البرلمان من بين 338 نائبا...وهو عدد غير مسبوق.. نسبة المسلمين فى كندا 3%..ونسبة النواب ال10 = 3% من نواب البرلمان.. أى أنهم أعطوا المسلمين حقهم تماما في التمثيل النيابي... حكى ترودو في خطاب النصر أن أكثر المواقف تأثيراً فيه أثناء حملته الإنتخابية..حدث عندما جاءته امرأة مسلمة محجبة وأشارت إلى ابنتها: "سأنتخبكم لأننى أريد لها أن تكون حرة في اختياراتها عندما تكبر.." عقب ترودو: "لن أنسى هذا الموقف ما حييت".. (فيديو في المصادر).. حينما أراد ترودو أن ينشر صورة لإحتفالاته بالفوز مع المواطنين..نشر صورته مع 5 مواطنين متعددي الأعراق (منهم سيدتان محجبتان).. التعليقات على الصورة فى مجملها أكدت أن هذه هي "الكندية".. وطن يجمع ولا يفرق..لا يقصي فئة من أهله أيا كانت لأى سبب..حتى لو كان تاريخها على تلك الأرض يوم واحد.. (الصورة في المصادر)... ليس معنى هذا أن ترودو يحب الإسلام والمسلمين تحديداً...ولكنه بالتأكيد يحب وطنه..ويريد لكل من يحيا على أرضه أن يحبه أيضا..حتى لو كان لاجئاً سياسياً وصل منذ يومين.. بينما في بلاد أخرى يولد الإنسان على أرضٍ ينتمي لها أباً عن جد..فيظل طوال حياته كارهاً لها لأنه وأباه وجده الأكبر الذى مات منذ ألف سنة سيظلوا أبدأً عبيداً لصاحب الدولة الذي يرتدي الميري ويمتلك البندقية... ربما تتعارض العديد من قيم وأفكار ترودو مع الإسلام..ومع ما يؤمن به المسلمون.. لكن المسلمين الذين يعيشون فى بلاد يحكمها نبي مثل السيسي لا تمر عليهم ليلة بدون ان يحلموا بالهجرة لبلد يحكمه أمثال ترودو.. في اليوم التالي لإنتخابه توجه ترودو لاحدى محطات المترو وتجول بمفرده "تقريبا"..ليصافح المارة العاديين ويشكرهم على إنتخابه.. المبهر أكثر من تصرف ترودو هو سلوك المارة العاديين.. لم يحتشدوا حوله..ولم يرفعوه فوق الأعناق..ولم يطلبوا منه أية مطالب شخصية..لم ترقص النساء..ولم يقل له أحدهم أن زوجته حبلى بنجمه.. بعضهم لم يعيروه إنتباهاً على الإطلاق ومضوا فى طريقهم..كأنهم يقولون: احنا مش فاضيين لك يا عم انت..ورانا أشغال.. وبعضهم واصلوا ما كانوا يفعلونه على الموبايلات وكأنهم لم يروه..آخرون صافحوه سريعاً بدون كلمة واحدة..البعض صافحوه مع تمنيات مقتضبة بالتوفيق.. منهم من التقط معه "سيلفي سريعة".. ومنهم من توقفوا بضع ثوانٍ لينظروا ثم أكملوا سيرهم وكأنهم ذكروا أنفسهم: لا انت أهم مني..ولا احتفالك أقيم من عملي.. حتى أن الرجل بدا في لحظات كأنه تائه لا يدري أين يذهب..وفي لحظات أخرى بدا وكأنه هو الذي يتشرف بمصافحة الناس... هم لم ينتخبوا "منقذا" ولا "بطلا" ولا "قائدا ملهما" "فوضوه"... لقد انتخبوا موظفاً عمومياً...يرونه الأصلح لأداء عمله "كما يؤدون هم أعمالهم" لمدة محددة... كأنه مجرد شخص (نجح في انترفيو)...لم يروا منه انجازا بعد لكي يهللوا له... باركنا وانتهينا..ورينا بقى انك قدها.. (فيديو في المصادر).. **************** ليس لديهم 7 آلاف سنة حضارة.. ليس لديهم "تسلم الأيادي" ولا "بشرة خير"... لا يغنون للوطن أغنية كل 43 ثانية... لا يهتفون :"تحيا كندا" 3 مرات... لا يقولون أن كندا أم الدنيا..وستصبح "أد الدنيا".. لا يضعون بيادات على رءوسهم.. الجيش عندهم ليس دولة فوق الدولة... لم يحكمهم يوما شخص ذو خلفية عسكرية... لا يفوضون ولا يسلمون عقولهم لحاكم ولا يحتكرون البلد وكأنها عزبة أبوهم..لا يدعون أن ما يفعلونه من أجل كندا..وأن ما يفعله الأغيار عمالة لحساب مخابرات أجنبية.. لا توجد لديهم رموز حولها هالات مصطنعة..تحول بقدرة قادر فاجر جرائمهم في حق البلاد لأمجاد وبطولات.. المديح والنفاق عندهم ليس مرادفا للإنتماء..والنقد والنضال ضد السلطة الغاشمة ليس مرادفا للخيانة.. ولكنهم ببساطة يمارسون "الوطنية" أفضل ألف مرة من شعوب لديها كل هذا... ________ المصادر ________ - فيديو خطاب ترودو https://www.youtube.com/watch?v=vpqhtZIbP-I&feature=share - الصورة https://www.facebook.com/…/a.1012770156…/10153798842470649/… - صورة أخرى لترودو يشارك المسلمين الطعام في المسجد بالزي الباكستاني.. https://www.facebook.com/photo.php… - فيديو مصافحة المواطنين https://www.facebook.com/GlobalNews/videos/909043272476772/
هل كرم الله مصر في القرآن ؟
19/8/2020
![]() اعتادت أبواق الإعلام والفن فى اطار تفخيمها وتضخيمها للذات المصرية أن تتداول بشكل ملح ومتكرر..فكرة تم زرعها فى الوجدان الشعبي..أن مصر لها مكانة خاصة إذ أنها البلد الوحيد الذى كرمه الله بالذكر 4 مرات فى القرآن.. فهل ذكر الله سبحانه وتعالى مصر بالفعل 4 مرات فى القرآن من باب التكريم ؟ بالفعل ذكر اسم (مصر) فى القرآن 4 مرات..مرتان فى اطار قصة سيدنا يوسف عليه السلام..ومرتان فى اطار قصة سيدنا موسى عليه السلام.. فى بداية قصة سيدنا يوسف عليه السلام: "وَقَالَ الَّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لِامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْوَاهُ عَسَىٰ أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ۚ وَكَذَٰلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ ۚ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ." يوسف 21 وفى نهاية نفس القصة: "فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَىٰ يُوسُفَ آوَىٰ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ." يوسف 99 القصة تجري فى مصر..وما بين شراء يوسف ودخول 86 من آل يعقوب مصر إن شاء الله آمنين.. نتعرف على عدة شخصيات منها: - الشعب: ومنه رفيقا السجن الخباز..والساقى الذى اعتمد عليه يوسف أن يخبر الملك بأمره لكي يحرره (فأنساه الشيطان ذكر ربه)..ولهذا لبث فى السجن 7 سنين.. - النخب المصرية: زوجة العزيز التى أرادت أن تخونه مع سيدنا يوسف..والعزيز نفسه الذى تساهل معها فى الخيانة ثم لفق ليوسف التهمة ليسجنه..و(نسوة المدينة) اللاتى وجدن فى الفضيحة المثيرة فرصة للت والعجن والتشهير..وشاركن فى الفاحشة بحض نبى الله عليه السلام على التجاوب وممارسة الفاحشة مع امرأة العزيز..ثم صمتن على سجنه لما حبس ظلما.. بالإضافة لمستشارى الملك الذين سألهم عن تأويل رؤياه..فقرروا ب(الفهلوة) أنها "أضغاث أحلام"... وأخيرا الملك نفسه..وهو -وياللعجب- الأفضل فيهم جميعا..إذ ولى يوسف عليه السلام أعلى المناصب فى الدولة..مما جلب عليها الخير العميم..وهو وضع استثنائى فى حسن الإدارة خارج عن المألوف فى تاريخ هذا البلد... ______________________________ أما ذكر مصر فى قصة سيدنا موسى عليه السلام فجاء فى سورتين: "وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ." يونس 87 "وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ۖ أَفَلَا تُبْصِرُونَ" الزخرف 51... وقصة سيدنا موسى عليه السلام معروفة لنا جميعا...فنسل ال86 الذين دخلوا (مصر إن شاء الله آمنين) فى عهد سيدنا يوسف..جرى لهم ما جرى فى عهد موسى..بعد أن أصبحوا وحدهم المؤمنين وسط شعب الفرعون.. في الآية الأولى يأمرهم الله عز وجل أن يصلوا فى بيوتهم إذ كانوا خائفين..ونستطيع أن نتصور الوضع تماما حينما نقرأ الآيتين التاليتين: "وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ عَن سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُواْ حَتَّى يَرَوُاْ الْعَذَابَ الأَلِيمَ.قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلاَ تَتَّبِعَآنِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ." يونس 88 - 89.. أما آية سورة الزخرف..فهى تتحدث عن خطاب فرعون لنخب شعب مصر..ثم يعقب الله سبحانه وتعالى شارحا رد فعل هؤلاء على هذا الخطاب: "فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ.فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ.فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِلْآخِرِين." ___________________________ هل مازلت تتصور أن ذكر مصر فى القرآن 4 مرات كان من باب تكريم هذا البلد كما تسمع فى الأغاني ليل نهار....أم أنها تجارة واستغلال للدين واستخفاف به ؟ الحكم لك.. أنا شخصيا أحمد الله عز وجل أنه من كرمه علينا لم يقرن اسم (مصر) ولا (المصريين) بأفعال أهلها أيام يوسف وموسي...حتى لا نعير بهم حتى يوم القيامة.. مشاوير تحرير الوعي: خاتمة مصورة
19/8/2020
خرائط
______ 1- تحرير وعي الشعب: الإعلام والتعليم 2- تحرير وعي الشعب: المفاتيح والوسائل والأدوات 3- التأثير في الناس 4- الشخصية 5- العاطفة 6- المنطق 7- مدخل الحوار والإحتياجات الإنسانية 8- الحوار 9- إقناع أصحاب السلطة 10- الحوار المتعثر 11- مواجهة الإعلام الفاسد _____________________________________ أدعو الله سبحانه وتعالى أن يكون لهذه السلسلة دور أساهم به في خدمة الدين والوطن والناس....أهديها لكل من ضحى بغالٍ من أجل تحرير البلاد والعباد في هذه البقعة من العالم وأرجو أن تكون قد حازت على رضاكم... ![]() "هم السبب...هم السبب..هم السبب.." ما تكرره 3 مرات في وسط الحشد..يغوص في عمق العقل الباطن لفترة طويلة..بقدر كافٍ للتحكم في دوافع الجموع... هذا بالضبط هو الأسلوب الذي استخدمه هتلر ليقود الشعب الألماني لمباركة الهولوكوست..وهو أسلوب يصفه هتلر نفسه بأنه يجبر الناس على طاعة أوامره كأنهم "مُنَّوَمين مغناطيسياً"... لكن الحقيقة أن هتلر وكافة الطغاة لم يبتكروا مثل تلك الأساليب إلا بعد أن درسوا جيداً نفسيات البشر...والريادة في هذا الباب يستحقها بجدارة عالم النفس الإجتماعي جوستاف لو بون..صاحب الكتاب الأشهر: سيكولوجية الجماهير... وأعمال أخرى... إذا كانت أسئلة مثل هذه قد حيرتك...فستجد إجاباتها عند لو بون منذ أكثر من 100 سنة..تحديداً منذ سنة 1897.. ______________ 1- في خطورة غياب قيادة تستحوز على ثقة الناس: _____________________________________ يصف لو بون الجماهير بالكثرة اللاواعية البربرية والتي يتم على يدها الانحلال النهائي لمجتمع ما بعد أن تفقد القوى الأخلاقية أو الهياكل الرسمية زمام المبادرة من يدها، لكنه لم يشر إلى أن هذه القوى الأخلاقية أو الهياكل الرسمية عند فسادها وطغيانها -إذ إن احتكار أي فئة لأي مسؤولية لمدى طويل ناتج عنه فساد أو ترهل لا محالة- تتسبب هي بذاتها في الإنفلات، وتفاقم حالة السخط التي يمكن أن تخرج عن السيطرة، ليأتي بعدها الجمهور في رسم الفصل الأخير من الفوضى أو العنف بعد أن يضيع زمام الأمور..إلا في حالة واحدة: أن تنجح الجماهير في إفراز قيادة واعية من داخلها تقودها إلى مرحلة ما بعد الفوضى أو التخبط الذي تسببت فيه تلك الهياكل الرسمية والنخب البائدة.. ولعل تجربة مانديلا تحضر في هذا الصدد، وكيف استطاع قيادة حركة الجماهير من غير أن تقضي على ما وصلت إليه جنوب إفريقيا من تقدم... ____________________________________ 2- كيف تنقلب الآية..ويقود الهمج النخب الواعية ؟ ___________________________________ من أهم خصائص الجمهور النفسية انطماس شخصية الفرد وانخراطه في السيل الجمعي، والذي سيترتب عليه تخليه عن عقله الواعي ومنطقيته حتى يتماهى معهم؛ إذ إن سيل التيار هادر وليس من السهولة مدافعته أو المشي عكسه. ويشير لوبون إلى أن هذه العقلية اللاواعية قد تجر إلى تصرفات همجية ووحشية لا تراعي ما يجب أن تكون عليه الإنسانية من تقدم ورقي، الأمر الذي يعيد المجتمع البشري إلى تاريخه الأول في العداوة والانتقام من نفسه بغير مرجع أخلاقي أو قانوني.. في هذا الصدد..عندما تغيب شخصية الأفراد ووعيهم في موجة الجماهير العاطفية يمكن لنا أن نفسر انسياق بعض النخب الواعية والمستقلة- بعيدًا عن النخب المأجورة أو المستعارة لأداء دور ما- خلف آراء وعواطف الجمهور حتى وإن كانت مخالفة لأبسط قواعد التحاكم العقلي التي عرفت بها تلك النخب، لا سيما وإن كانت مخالَفة تلك الجماهير ستجلب لها نوعًا من الهجوم والانتقاد، أو على الأقل ستبعدها عن أداء دور ما في توجيه الرأي العام... ____________________________ 3- لماذا يصدقون الإشاعات والخرافات والأكاذيب ؟ ____________________________ كما يتميز الجمهور بالتفكير اللاواعي نتيجة طغيان العاطفة والحماسة على مشاعره وتفكيره فإنه يكون في حالة تلقي وتلقين للأفكار لا إنتاجها، تجذبه الانطباعات والأفكار السهلة والسطحية. لذلك تنتشر في أوساطه كثير من الأفكار غير المنطقية والتي لو فكر فيها الفرد على حدة لرأى هشاشتها وعدم مصداقيتها...ويشبه لو بون الجماهير في هذه الحالة بالمنوَّم المغناطيسي الذي يسلم نفسه لمنومه وبالتالي تتعطل عنده الإدراكات العقلية الواعية، كما يتم استدعاء العقل اللاواعي الجمعي والذي تتجلى فيه "الأخلاق النفسية" للعرق أو الأمة كما يسميها أيضًا لو بون في كتابه الآخر "السنن النفسية لتطور الأمم". سرعة تأثر الجماهير وسذاجتها في التصديق لأي شيء، سمة بارزة من سمات العقلية الجماهيرية، الأمر الذي يقود إلى سرعة التوجيه..هناك حالة نفسية لدى الجماهير خاصة الثورية أو التي في حالة غليان اجتماعي وهي حالة الترقب والاستعداد في التلقي، وهو ما يساعد على قبول كثير من الأفكار وتمرير العديد الرسائل، ولعل هذا مايفسر حالة انتشار الإشاعات والأكاذيب في مثل هذه الأوساط (ترقب وانتظار.. يجد شائعات وتحريض تسد فراغ الانتظار والترقب ثم انتقال العدوى) مع عدم امتلاك الجماهير للحاسة النقدية التي يمكن أن تكون عند آحادهم. بل ويذهب لو بون إلى أبعد من ذلك حين يقرر أن شهادات الجماهير هي أقرب إلى الوهم والأساطير منها إلى الحقيقة.. ضعف المحاكمة العقلية لدى الجماهير يجعلها تتأثر بالصور والخيالات؛ لذلك تنتشر بين الجماهير الأساطير والقصص اللاعقلية والمحملة بالعواطف والخيال، الأمر الذي يجعلها لا تميز بين الواقعي واللاواقعي.. ______________________________ 4- التحريض والتفويض: ______________________________ ولجوستاف لو بون نظرية يعتقد من خلالها أن ظاهرة التحريض تنتقل بالعدوى في أوساط الجمهور، الأمر الذي يمكن أن يفسر لنا شيئًا من انتقال الكراهية والرضا بالعنف الذي انتشر في أوساط جمهور من الشعوب العربية ضد تيار معين، ذلك التحريض الذي كان له أداة دعائية كبيرة استخدمت فيها شعارات الاستقرار وتعطيل الحياة، ومحاربة الإرهاب، وغيرها من الشعارات التي يجد الجمهور نفسه مندفعًا لها تلقائيًا لأنها تلامس رغبات لديه. _____________________ 5- من النقيض للنقيض: _____________________ من أبرز الخصائص النفسية للجمهور التي يقررها لو بون في كتابه: سرعة انفعالها ونزقها؛ "فلا شيء مدروس لدى الجماهير، فهي تستطيع أن تعيش كل أنواع العواطف، وتنتقل من النقيض إلى النقيض بسرعة البرق وذلك تحت تأثير المحرضات السائدة"، إننا بذلك يمكن أن نفهم تحولات قطاع كبير من عامة الناس بعد ثورات الربيع العربي مع تيار أو آخر ثم ضده، بل وفي أحيان ضد الثورة ذاتها التي خرجوا من أجلها. وذلك تحت عوائد التحريض اليومي والممنهج. بل إن لو بون والذي كتب كتابه قبل أكثر من قرن يصف مشاعر الجماهير الثائرة بالتحديد بتنوع وتقلب عواطفها، ومع اتحاد النزق وتأجج العواطف يبرز أيضًا جانب العرق النفسي لكل جمهور؛ "وهو المكون الثقافي والنفسي لكل أمة والذي تتميز به عن غيرها، ويمكن اللعب على المحرضات المحلية والطرق على مواضيع لها وقع ثقافي أو اجتماعي خاص لتهييج الجمهور وإثارته..." أمثلة: - تقسيم مصر.. - مؤامرة صهيونية.. - عميل لأمريكا.. - تجار دين.. - هدم الجيش.. ___________________ 6- لماذا يبجلون الديكتاتور؟ ___________________ الجماهير تظهر احترامها للقوة وعدم ميلها للطيبة التي تعتبرها شكلاً من أشكال الضعف، لذلك هم يتجهون نحو المستبدين الذين يسيطرون ببأس، ويظهر في هيئاتهم الخيلاء الجذابة والقوة المهابة (الزي العسكري) رغم أنها مخيفة إلا أنها تستعذبها في ذات الوقت. ويؤكد لو بون أنه حتى في حالة هجومها على ديكتاتور مخلوع فلأنه فقد قوته ودخل في خانة الضعفاء غير المهابين..ويضع لو بون تفسيرًا لظاهرة تقلب الجماهير من العبودية إلى الفوضى والثوران على السلطة بتقلبات السلطة ذاتها وتقلباتها بين سلطة قوية ديكتاتورية وسلطة ضعيفة بشكل من الأشكال. ولأن الجماهير محكومة باللاوعي فإن من الصفات النفسية المرتبطة بذلك والتي أشار إليها لوبون في صفات الجماهير: المحافظة، والتي تتحكم فيها العوامل الوراثية العتيقة، وحتى عند ثورانها وانتفاضاتها، فإنها سرعان ما تمل من الفوضى والانفلات الذين تخلفهما تلك الموجات الاحتجاجية أو الثورات، وتميل مرة أخرى بغريزتها إلى العبودية أو إلى من يقمعها بحجج كثيرة كالاستقرار وحماية البلد وغيرها، ويستشهد بنابليون والتي راحت تصفق له مجموعات شعبية كبيرة عندما راح يلغي الحريات ويحكم بيد من حديد رغم أنه جاء بعد ثورة قدمت الكثير من التضحيات. _________________________________________________ 7- الرضا بإصلاحات وتغييرات في الشكل والإسم دون المضمون: _________________________________________________ ويلفت لو بون إلى نقطة مهمة في ثورات الجماهير؛ فرغم أنها عندما تثور تبغي من وراء ذلك تغيير واقعها بمؤسساته وهياكله إلا أنها تكتفي من ذلك بتغيير الأسماء وظواهر المؤسسات الرسمية بينما تبقى تلك المؤسسات بعمقها ومضمونها لتعبر عن سبب قيام تلك المؤسسات ونموها واستفحال وجودها والتي في أصلها تعبر عن احتياجات وراثية لذلك الشعب أو الجمهور، هل يمكن أن يقاس كلام لو بون هذا على ميل بعض الشعوب وثقتها في مؤسسات أمنية أو عسكرية رغم ما لدى تلك المؤسسات من جرائم وفظائع ارتكبت بحقه؟! _______________ 8- هل هناك أمل؟ _______________ يمكن للجماهير أن تمارس أقسى أنواع الوحشية والقتل والحرق مستعيدة بذلك الغرائز البدائية النائمة في أعماق كل منا..غير أن هذه الجماهير أيضًا تمتلك حسًا وروحًا أخلاقية عالية في البذل والتضحية من أجل قضايا كبرى كما في الثورات والحروب الوطنية وإنجاز الأعمال الحضارية والتقدمية، بل إنه لولا هذه التضحيات الجماهيرية التي تصل إلى حد لا يستوعبه العلماء والحكماء لانعدمت الحضارات على كوكبنا ولما كان للبشرية تاريخ، ويلاحظ بعض علماء الاجتماع أن أقسى البشر أو من يتصفون بصفات ذميمة سيكونون أنقى وأرقى وأكثر أخلاقية حين ينخرطون في أعمال راقية. كل ما ذكر سلفاً يمكن أن يصاغ بشكل إيجابي لتجييش الجماهير وتحريكها نحو أفكار كبرى وعميقة..على رأسها تحرير هذه الشعوب نفسها من العبودية... ______ المصدر: ______ http://nama-center.com/ActivitieDatials.aspx?id=302 ____________________ ![]() -(الأراجوز) يستطيع أن يدس بنجاح مبهر وتأثير كبير وإنتشار واسع العديد من الأفكار والمفاهيم والقناعات..يكلم الناس فى أمور يحبونها وتثير شغفهم..يظهر فى هيئة جذابة تلفت نظر كل مار ولو بالصدفة..يبدأ كلامه بنكتة وينهيه بنكتة..يجعلك تتشوق للعرض القادم منذ لحظة نهاية العرض الحالي..لا يخصص كلامه للسياسة والأمور الجادة فقط..ولكنه يتحدث أيضا فى توافه الحياة اليومية..لأن توافه الحياة اليومية ببساطة جزء لا يتجزأ من معايش الناس.. - القصة تؤثر فى الناس أكثر من المعلومات المجردة..خاصة إذا كانت قصة شخصية بعينها.. - مخاطبة القلوب أكثر فاعلية من مخاطبة العقول.. - الجمهور يكون أكثر إستجابة إذا أقنعته أن مشاركته ستؤدى لتغيير مؤكد ولو ضئيل..بينما تقل الإستجابة إذا شعر المتلقي أن الصورة أسوأ من أن تغيرها مشاركته.. - قصص تعامل اردوغان مع دبابير الإعلام جديرة بالدراسة.. - الإعلام المصري في المجمل نموذج يُدرس للإعلام الفاسد.. - أثبت البحث العلمي فى مجال التسويق أن الناس يستجيبون ويتتبعون ويستثمرون فيما يرتبط بمن يحبونه.. - عندما يتحدث شخص ما للجماهير..يمر التفاعل ب3 مراحل: * مصداقية إبتدائية..(تبدأ عالية لو كان المتحدث مشهوراً محبوباً..وتبدأ من الصفر إذا كان شخصية مجهولة..خاصة إذا كان المظهر منفراً أو غير معتاد أو بداية الكلام صادمة..أو على غير هوى المتلقي).. * مصداقية تفاعلية..يبدأ الجمهور في إختبار المتحدث..هل هو كفء؟ خبير فيما يقوله؟ أمين؟ يعتمد عليه؟ عنده أخلاق؟ لطيف؟ مهتم بالمصلحة العامة؟ يسيطر على إنفعالاته؟ ماذا يعرض علينا؟ * مصداقية نهائية..الإنطباع النهائى عن المتحدث الذي سيظل راسخاً لدى المتلقى بعد نهاية اللقاء..ويحمله معه حتى المرة التالية.. - السُلطة تفوز في معظم الحالات على الدافع الأخلاقي الذي يحول دون إيذاء الإنسان للآخرين.. يوجد إستعداد لدى معظم الناس لطاعة السلطة حتى النهاية.. قد تكون سسلطة أو سلطة القمع العسكري..أو سلطة المدير في العمل..أو سلطة الإعلام..أو سلطة لقمة العيش..أو سلطة سلوك القطيع... في جميع الأحوال يمكن أن يكون المواطن العادي بمنتهى السهولة..وبدون أية مشاعر عدائية من جانبه..وفقط من خلال أداء عمله الروتيني..ترساً في آلة تدمير بشعة.. الأسوأ من هذا..أن معظم الناس لا يقاومون السلطة..حتى بعد أن تتبين لهم بشاعة ما فعلوه ومدى تعارضه مع الأخلاق... - خطاب القوة يصدر عن خطيب له مصداقية..ذي هيئة ولغة مقبولة إجتماعياً..ومثالياً يستحب أن يتمتع بما يعرف بالكاريزما...يتسم بالثقة وقوة الحجة والترغيب والترهيب ويكون نابعاً من شرعية..يراعي فيه أن يثبت لجمهوره اتفاق تتفق رغباته ومصالحه معهم..وأن يبرهن لهم على قدرته على تنفيذ ما يتعهد به..يشد المستمع ويجذبه...حتى يختمه برسالة مبهجة مؤثرة تبقى مع المتلقى لأطول فترة ممكنة.. ____________________ الخطوات العملية المقترحة ____________________ 1- لا يجب أن نحصر كل خطابنا في (الأراجوزات)...وأن يكون كل ما نقدمه خفيفا كوميديا ساخرا..ولكنه أحد الأساليب المحورية فقط..وسنخسر كثيرا إن لم نوظفه...مثله مثل أساليب أخرى لا تقل أهمية.. 2- حاول أن تصيغ أفكارك فى هيئة قصة خاصة بشخصية يتعاطف معها الناس.. 3- لا ترسم صورة سوداء تماماً..ارسم صورة بيضاء فيها بقع سوداء..واقنع المتلقي أنه قادر وحده على ازالة بقعة واحدة منها.. 4- الرد على الإشاعات يكون بحوار مباشر أمام العالم كله غير قابل للفبركة والتلفيق والصياغات المدلسة.. 5- يجب استغلال فرص الرد على الإشاعات بقلب المائدة على مروجي الإشاعات وكشف فسادهم أمام الجماهير..وكسب نقاط بإثبات أن فسادهم هو السبب فى تربصهم.. 6- من المهم كشف نقاط قوة الخصم وتضييع فرصه في الإستفادة منها.. 7- احصل على المعلومات والحقائق من منابعها ولا تعتمد على الآخرين..وابن مصداقية مع الناس من خلال معلوماتك وحقائقك التي ستثبت الأيام صحتها.. 8- مهما كان احتياجك للفسدة..لا تسمح بأن يكون لهم أفضال عليك.. 9- الإخلاص والمنهج العلمي..الإخلاص والمنهج العلمي..الإخلاص والمنهج العلمي.. 10 - 16 نقطة تميز بها الصحافة المحترمة من الصحافة الفاسدة.. 11- تحتاج لشخصيات تسوق أفكارك..شخصيات لها مصداقية - ذات شعبية..ولكنك لن تنجح إلا إذا كانت أفكارك تستحق.. 12- يحاول المتحدث الذكي أن يثبت إيجابياته لجمهوره خلال حديثه..ويحاول أن ينهي لقاءه دائماً بعبارة مضحكة مبهجة أو معلومة أو رسالة قوية مؤثرة سعيدة.. 13- التوعية الدينية القويمة هى الطريق الأهم لزرع الأخلاق والضمير في النفوس لكي لا تتسم بسلوكيات العبيد فتطيع المخلوق بدون تمييز حتى لو كان هذا المخلوق سلطة طاغية.. 14- انزع عن الأفراد والكيانات بقدر الإمكان صلاحياتهم التي تمنحهم سلطات فوق المحاسبة.. 15- إذا ثبت أن فرداً ما أو كياناً ما يسىء استغلال سلطته في القمع أو الفساد..فانزع مهابته وسلطانه وحطم صنمه أمام عبيده لكي يثوروا عليه... 16- ينبغي لكل سياسي وكل مصلح إجتماعي أن يجيد بقدر الإمكان خطاب القوة بالخصائص المذكورة في الملخص..وينبغي لكل كيان أن يراعي في اختياره لرءوسه أن يملكوا المواهب الطبيعية للخطابة وأن يدربوهم عليها بشكل مستمر.. ![]() حصل ونستون تشرشل السياسي الأعظم في تاريخ بريطانيا على جائزة نوبل.. لم يحصل عليها لعبقرية أدائه السياسي وقد تميز كداهية من دواهيه... ولم يحصل عليها لأمر يتعلق بالحرب العالمية الثانية وقد قاد بلاده للإنتصار فيها.. وإنما حصل على جائزة نوبل في (الأدب)...وكان لخُطبه الساحرة أعظم الأثر في لفت إنتباه العالم لمواهبه...وذلك لسبب بسيط جداً....أنها كانت مفهومة وجذابة للجميع..حتى الأطفال.. _______________ تحرير الوعي (19) _______________ طبعاً علم الخطابة علمٌ واسعٌ لا يتسع المجال هاهنا للتوغل فيه..لكننى سأتطرق لنوع واحد من الخطابة..هو خطاب القوة...وهو خطاب يجب أن يجيده كل سياسي وكل مصلح إجتماعي..ويتسم بخصائص معينة: 1- هيئة الخطيب ولغته يجب أن تكون مقبولة إجتماعياً..ومثالياً يستحب أن يتمتع بما يعرف بالكاريزما أو الحضور الطاغي بدءا من نبرة صوته وحتى نظراته وتعبيرات وجهه وحركات جسده..مروراً بالمحتوى وطريقة إلقائه.. 2- يستحب أن تكون له مصداقية مسبقاً عند المتلقي.. (يُمكن إصطناع حوار أو موقف قبل الخطاب مباشرةً لزرع هذه المصداقية).. 3- الحديث بثقة... 4- الترغيب (إقناع الجمهور أن ما يدعو له سينقذهم أو يعود عليهم بالنفع بحسب الموضوع).. 5- ترهيب (تحذير الجمهور من مغبة ما يخوفهم منه).. 6- قوة الشرعية: له كامل الحق فيما يطالب به.. 7- اتفاق رغبته ومصالحه مع رغبة المتلقي ومصالحه وإثبات ذلك.. 8- قوة الحجة.. 9- القدرة: إعطاء إنطباع أن المتحدث قادر على تنفيذ ما يتعهد به.. 10- الخطاب يشبه رحلة الطائرة: أخطر ما فيه الإقلاع في البداية والهبوط في النهاية.. المتحدث الناجح يشد المستمع من اللحظة الأولى وينجح في إجتذابه على مدى 60% من الخطاب على الأقل..ثم يختم حديثه برسالة تبهج الجمهور وتؤثر فيه بعمق ليتفكر فيها ويعمل بها بعد أن ينصرف كلٌ لحال سبيله.. تجربة ميلجرام..والجندي الغلبان والمواطنين الشرفاء ________________________________________ في سنة 1963..أجرى ستانلى ميلجرم..أستاذ علم النفس الشهير بجامعة ييل الأمريكية سلسلة من التجارب بغرض قياس مدى استعداد الناس لعمل أشياء تخالف ضمائرهم فقط من باب (طاعة السُلطة)... التجربة أجريت تأثراً بمحاكمة المجرم النازي أدولف ايخمان..والتساؤلات التي أثيرت في تلك الأيام حول مدى مسئولية الجنود الذين (ينفذون الأوامر) عن الجرائم التي يأمرهم بها قادتهم.. التجربة استهوت العديد من المتخصصين في العالم..حتى أنهم كرروها على مدى السنوات التالية..وفي كل مرة تتشابه النتائج مع إختلافات بسيطة في النسب والأرقام.. أبطال التجربة 3 أشخاص: - متطوع..وهو الوحيد الذى لا يعلم شيئا عن خفايا التجربة..(دوره في التجربة: المعلم) - قائد التجربة..وهو بالطبع أحد الأخصائيين النفسيين...(سُلطة العلم) - ممثل...يعتقد المتطوع أنه متطوع آخر معه..ولكنه في الحقيقة متفق مع قائد التجربة على ما يجري فيها..(دوره فى التجربة: المتعلم).. بناءا على تعليمات قائد التجربة (سُلطة العلم)..يعرض المعلم على المتعلم أزواجاً من الكلمات..بين كل زوج نوع من الإرتباط..وسيكون مطلوباً من المتعلم أن يجيب بالكلمة الثانية من كل زوج بمجرد أن يخبره المعلم بالكلمة الأولى.. . يظل قائد التجربة مع المتطوع (المعلم) في غرفة ويذهب الممثل (المتعلم) إلى غرفة أخرى..لا يرى المتطوع المتعلم منذ هذه اللحظة فصاعداً..ولكن يتم التواصل بين الإثنين عبر سماعات وميكروفون.. (قبل أن يغادر..يذكر الممثل للمتطوع أنه يعاني من مرض في القلب..) يطلب قائد التجربة من المعلم المتطوع أن يقوم ب(كهربة) المتعلم مع كل إجابة خاطئة..عن طريق جهاز صعق كهربائى في حوزة المتطوع..وتزيد قوة الصعق بمقدار 15 فولت مع توالي الأخطاء... خلال التجربة يسمع المتطوع صوت الصعق وصراخ المتعلم وشكواه من الألم الذي تحدثه الكهربة وتوسلاته المتصاعدة وتذكيره للمتطوع بمرض القلب الذي يعاني منه..لكي يرحمه ويتوقف...وبعد درجة معينة من الصعق..يختفي صوت المتعلم ويصمت تماماً.. (الحقيقة أنه لا يوجد صعق ولا يوجد تعذيب ولا يوجد مرض قلب..كله تمثيل في تمثيل..ولكن المتطوع لا يعلم ذلك ويعتقد أنه يقوم بتعذيب المتعلم فعلاً...) فى كل مرة يبدي المتطوع رغبة في إنهاء التجربة..يتم الرد عليه بهذه العبارات بنفس هذا الترتيب: 1- من فضلك..استمر.. 2- نجاح التجربة يقتضي منك أن تستمر.. 3- من المهم جداً أن تستمر.. 4- لا يوجد لك خيار آخر غير أن تستمر.. إذا سأل المتطوع عن مدى الضرر الذي يصيب المتعلم..يتم الرد عليه: إنه يتألم فقط....لكنه لن يموت.. إذا سأل: لماذا لا نتوقف طالما أن المتعلم يريد إنهاء التجربة ؟..يتم الرد عليه: استمر..كونه يحب التجربة أو لا يحبها لا يعنينا في شىء..مصلحته أن يتعلم كل الكلمات.. يتم إنهاء التجربة فقط في حالة من إثنين: - إصرار المتطوع على عدم الإستمرار..حتى بعد العبارات الأربع أعلاه.. - وصول الصعق للحد الأقصى (450 فولت 3 مرات على التوالي).. _____ النتائج _____ قبل التجربة..أجرى ميلجرام استطلاعاً بين زملائه..فتوقعوا أن نسبة 1% فقط سيكملون التجربة لنهايتها..وأن 3% على أقصى تقدير سيكملون التجربة بعد 300 فولت...وأن الأغلبية سيتوقفون عندما يبدو واضحاً أن الضحية لا يرغب في استكمال التجربة.. ولكن النتائج جاءت صادمة..فقد أكمل 65% من المشاركين التجربة لنهايتها..مع مراعاة أنهم جميعاً في لحظة من اللحظات طلبوا التوقف..وأن بعضهم عرض إرجاع المقابل المادي الذي حصل عليه (4 دولار) في سبيل التوقف..ولكنهم في النهاية استمروا بعد الضغط عليهم من قبل السلطة.. __________ كتب ميلجرم في بحثه الشهير (مخاطر الطاعة)المبني على هذه التجربة الإستنتاج التالي: "لقد فازت السُلطة في معظم الحالات على الدافع الأخلاقي الذي يحول دون إيذاء الإنسان للآخرين..رغم صرخات الضحية التي صمت الآذان.. إستعداد الناس لطاعة السلطة حتى النهاية هو النتيجة النهائية التي تحتاج لتفسير في هذا البحث.. يمكن أن يكون المواطن العادي بمنتهى السهولة..وبدون أية مشاعر عدائية من جانبه..وفقط من خلال أداء عمله الروتيني..ترساً في آلة تدمير بشعة.. الأسوأ من هذا..أن معظم الناس لا يقاومون السلطة..حتى بعد أن تتبين لهم بشاعة ما فعلوه ومدى تعارضه مع الأخلاق..." ____________ انتهى ___________ طبعاً تستطيع أن تستخدم ما شئت من تباديل وتوافيق.. فسُلطة العلم ليست دائماً هى السائدة في كل المجتمعات..قد تكون سلطة القمع العسكري..أو سلطة المدير في العمل..أو سلطة الإعلام..أو سلطة لقمة العيش..أو سلطة سلوك القطيع... كذلك...تستطيع أن تستنتج أرقاماً جديدة للنتائج أو أبعاداً أخرى (تفويض بقتل المعارضين بوصفهم إرهابيين مثلاً)..في ضوء أن بعض الشعوب أقل تحرراً وإستقلالاً وقدرةً على قول: لا... وأكثر أنانية وتعوداً على الإستبداد والإستعباد.. ____________________________ أحدثت التجربة أصداءاً واسعة على كافة المستويات لسنين عديدة تالية...حتى أنها مازالت إلى اليوم تستخدم ويتم الإستشهاد بها في الأعمال الفنية والأدبية..ومنها على سبيل المثال - فيلم The tenth level سنة 1975 - فيلم I as in Icarus سنة 1979 - فيلم Foolin Around سنة 1980 - رواية V for Vandetta سنة 1982 - فيلم Atrocity سنة 2005 - رواية Chip Kidd سنة 2008 - مسلسل Law & Order: Special Victims Unit سنة 2009 - فيلم Zenith سنة 2010 - فيلم Compliance سنة 2012 - مسلسل Bones سنة 2014 بالإضافة إلى بعض الأغاني وألعاب الفيديو جيم.. وتستطيع مشاهدة كل هذا على اليوتيوب..كما تستطيع مشاهدة العشرات من الأفلام الوثائقية عن التجربة..إذا بحثت عن كلمة Milgram ![]() أبو تريكه وفودافون..عمرو دياب وبيبسي..نانسي عجرم وكوكاكولا..مايكل جوردان ونايك..براد بيت وشانيل..شاكيرا وكرست..ديفيد بيكهام وديزني لاند..رفاييل نادال وأرماني..جوليا روبرتس ولانكوم..زوى ديشانيل وأى فون.. لماذا تدفع شركات شهيرة الملايين للدعاية لمنتجات رائجة وناجحة أصلا ؟ ______________________________ عن الممثل الرسمي وغير الرسمي نتحدث.. . الإجابة بإختصار..هى أنك تحتاج ل(شخصية) تسوق بها المنتج..شخصية: لها مصداقية - ذات شعبية.. لذلك تسحب الشركات عقودها الإعلانية من أولئك النجوم المتورطين في فضائح أخلاقية..لأنهم ببساطة فقدوا المصداقية عند الجمهور.. أثبت البحث العلمي فى مجال التسويق أن الناس يستجيبون ويتتبعون ويستثمرون فيما يرتبط بمن يحبونه.. لماذا تضيع الوقت والمجهود والمال في بناء شخصيات تمثلك..إذا كانت لديك شخصيات قد اكتسبت بالفعل ثقة الناس ؟ منتجات نايك عالية الجودة..لكنها مع ذلك تحتاج بشكل مستمر ومتجدد لمن يربطها بالجماهير..والسبب أن أديداس وبوما لهما منتجات عالية الجودة أيضاً..وهم يفعلون الأمر نفسه..وليتنافس المتنافسون... تذكر أن النجم المشهور بدوره لا يسوق إلا منتجات مشهورة عالية الجودة من قبل أن يروج لها..هو لن يربط إسمه بمنتج ردىء يلعنه الناس كل صباح.. والموضوع لا يقتصر على المنتجات التجارية..لنفس الأسباب يظهر المشاهير فى إعلانات مستشفى 57357... ولنفس الأسباب يظهر المشاهير في حملات التوعية الصحية.. ولنفس الأسباب تعين الأمم المتحدة سفراءها للنوايا الحسنة من بينهم... عندما يتحدث شخص ما للجماهير..يمر التفاعل ب3 مراحل: - المرحلة الأولى: مصداقية إبتدائية..(تبدأ عالية لو كان المتحدث مشهوراً محبوباً..وتبدأ من الصفر إذا كان شخصية مجهولة..خاصة إذا كان المظهر منفراً أو غير معتاد أو بداية الكلام صادمة..أو على غير هوى المتلقي).. (لاحظ أيضاً أن الشخصية الشهيرة المحبوبة من الصعب تشويهها ما لم تكن متورطة بالفعل..بينما الشخصية الخام تكون في مهب الريح في هذه المرحلة..رصيد = صفر عند الناس + إشاعة بسيطة تتفرغ لتفنيدها بدلاً من التركيز على هدفك الأساسي..انت تتشتت وقد تنجح أو لا تنجح قبل أن تعود لمهمتك الأصلية..والعامة منهم من يصدق ومنهم من يشك ومنهم من يحاول الدفاع عن الشخص وقد أهمل الفكرة التي يمثلها الشخص ) - المرحلة الثانية: مصداقية تفاعلية..يبدأ الجمهور في إختبار المتحدث..هل هو كفء؟ خبير فيما يقوله؟ أمين؟ يعتمد عليه؟ عنده أخلاق؟ لطيف؟ مهتم بالمصلحة العامة؟ يسيطر على إنفعالاته؟ ماذا يعرض علينا؟ في نفس الوقت..يحاول المتحدث الذكي أن يثبت كل تلك الإيجابيات لجمهوره خلال حديثه.. - المرحلة الثالثة: مصداقية نهائية..الإنطباع النهائى عن المتحدث الذي سيظل راسخاً لدى المتلقى بعد نهاية اللقاء..ويحمله معه حتى المرة التالية..لذلك يحاول المتحدث الذكي أن ينهي لقاءه دائماً بعبارة مضحكة مبهجة أو معلومة أو رسالة قوية مؤثرة سعيدة..ثم يبني مصداقية أعلى وأعلى فوق ما جنى فيما بعد.. ________________________________ كم من الكيانات الموجودة على الساحة السياسية أو الإجتماعية تضع كل هذا في الإعتبار عند إختيار من يتحدثون بأسمائها ونيابة عنها..؟ كم من تلك الكيانات يقدرون الخطورة العظيمة لمنصب المتحدث الرسمي؟ ![]() (1) في أثناء حملة اردوغان الإنتخابية لمنصب عمدة اسطنبول سنة 1994..خرجت صحيفة (حريت) وهى من كبريات الصحف التركية بخبر رئيس عنوانه: «عجباً لك يا أردوغان آغا!». كتبت فيه أن أردوغان يمتلك ثلاث فيلات في حي (سلطان بايلي)، ورغم ذلك يحدث المجتمع عن الفقر والفقراء. وتم تدعيم الخبر بصور قيل إنها للفيلات. وبالطبع، لم تكن لهذه الصور ولهذا الخبر علاقة بأردوغان. والسر في اختيار حي (سلطان بايلى) تحديداً للإشاعة أن رئيس ذلك الحي حينها كان من حزب الرفاه الذي ينتمي له اردوغان.. صمم أردوغان أن يرد...ولكن ليس من خلال حوار صحفي أو حتى لقاء تليفزيوني مسجل..فقط على الهواء مباشرة في مواجهة وتحدٍّ للصحيفة..وكانت النتيجة أن خسرت صحيفة (حريت)، وقناة (شو تي في) هذه المواجهة.. في لقائه المباشر على قناة (شو تي في)، اختتم أردوغان حديثه بهذه الكلمات: «لن أطيل الكلام حول ما إن كانت لديَّ فيلا أم لا، ولكنني أتعهد أمام كل المشاهدين من أهالي اسطنبول: اذهبوا وابحثوا عن هذه الفيلات في حي سلطان بايلى، وإنني أهبكم كل الفيلات التي أملكها هناك..ولكن، إذا ذهبتم إلى هناك ولم تستطيعوا العثور على هذه الفيلات، ولن تجدوها، فإنني عندئذ سأترك لتقديركم اختيار صفة تناسبكم وتناسب افتراءاتكم عليَّ!». وبالطبع لم يجدوا شيئاً يقال أمام هذا التحدي.. _________________________________ (2) استشاط الإعلام الفاسد غضباً من هزيمته في الواقعة السابقة وأراد أن يعوضها..فنشرت نفس الصحيفة (حريت) خبراً أن منزل أردوغان بحي (أسكودار) غير مُرخص باسمه..وكان الخبر صحيحاً هذه المرة.. وفي يوم نشر الخبر، كان أردوغان يقوم بزيارة لأحد شوارع اسطنبول..لاحقه مراسلون من صحيفة (حريت) وقناة (شو تي في) للحصول على رد..غير أن أردوغان مرة أخرى رفض رفضاً قاطعاً الإدلاء بأي تصريحات إلى هؤلاء المراسلين، وأخبرهم أنه لن يتكلم إلا في برنامج تلفزيوني على الهواء مباشرة.. وفي المساء استضافت قناة (شو تي في) أردوغان..وفي هذه المرة لم يُكذّب الخبر..بل قال: «نعم إن المنزل الذي أقيم فيه في (أسكودار) غير مرخص رغم أنه ملكٌ لي..الأرض المقام عليها البيت لها أوراق رسمية، وتم شراؤها بعد دفع ثمنها..أى أن حقي فيها لا غبار عليه..أما المبنى المقام فوق هذه الأرض فهو غير مأهول، ولذلك يُعتبَر بيتاً «غير مرخص». وليكن، فهل أشعر بالامتعاض من هذا الوضع؟ قطعاً لا! لأن 60 بالمئة على الأقل من بيوت اسطنبول على نفس الوضع.. المسؤولون عن تخطيط المدن وتطويرها في اسطنبول لم يقوموا بمهامهم، ولم يقوموا بإعمار البيوت غير المأهولة بالتوازي مع حركة التطور العمراني والنمو السكاني، ومن ثم أصبحت العديد من المباني القديمة غير مأهولة، واضطر المواطنون للإقامة في هذه البيوت. وأنا أحد أولئك المواطنين، ولا أشعر بأي انزعاج من أن أكون واحداً منهم؛ فأعيش معهم المشكلات ذاتها، لنحلها معاً..ولذلك أرشح نفسي لمنصب عمدة المدينة.. ما إن سمع مُخرج البرنامج «أفق غول دامير» هذه الكلمات، حتى جن جنونه ولم يتحمل البقاء خلف الكاميرا، وغادر الاستديو بسرعة..وقد أدرك أنه غامر بمناقشة مع أردوغان أشعرته أنه كبل قدميه بالأصفاد مرة أخرى.. ملحوظة: صحيفة حريت من أشد الصحف التركية إنحيازاً للعلمانية الأتاتوركية..وهي مملوكة لرجل الأعمال الفاسد أيدين دوجان..من أكبر مليارديرات تركيا..وعمره الآن قارب على الثمانين سنة.. وقعت عليه الحكومة التركية برئاسة اردوغان ابتداءا من سنة 2009 غرامات وصلت لعدة مليارات من الدولارات بتهمة التهرب الضريبي المثبتة بموجب أحكام القضاء.. __________________________________ (3) تم تنظيم مناظرة تليفزيونية بين المرشحين..وكانت حملة اردوغان تخشى أن يطلب البرنامج من أحد المنافسين: «إيلهان كاسيجي» أن يغني أغنية (طائر الجنة)، وهي أغنية شعبية وطنية شهيرة. فقد كان «إيلهان كاسيجي» يجيد غناء هذه الأغنية...وإذا غناها قد يرفع هذا من شعبيته بين الجماهير.. أما المرشح الثالث «ذلفى ليوانالى» فكان يجيد أغنية (غابة الأشجار الثلجية) وهي أغنية شعبية وطنية شهيرة أيضاً..في هذه الحالة سيتفوق كلا المرشحين على اردوغان الذي لا يجيد الغناء..وإن كان يمتلك صوتاً جميلاً..لذلك كانت خطة حملة اردوغان أن يستخدم ذكاءه فلا يسمح لهذين الشخصين بالغناء بأي صورة من الصور.. وبالفعل..جاء الرجلان وقد استعدا للغناء..وضغط المحاور على الضيفين كثيراً ليقوما بالغناء..فتدخل اردوغان على الفور بلهجة حاسمة قائلاً: "ينبغي علينا وقد وصلنا إلى نهاية البرنامج ألا نغير مساره، ونفرغه من قضاياه ومضامينه الجادة ونحوله إلى برنامج منوعات..الأجدر بنا أن نتحدث عن مشكلات اسطنبول وقضاياها، وأن نؤجّل الأغاني إلى ما بعد الانتخابات.." وأغلق الموضوع بقوله: «إن صداقتنا ممتدة ولن تنتهي هنا. فلنأتِ مرة أخرى بعد الانتخابات إلى هنا ولنغنِّ معاً»... __________________________________ (4) في اطار نفس الإنتخابات..نشرت صحيفة (صباح) المعادية للإسلاميين خبراً رئيساً على صفحتها الأولى بعنوان (ها هي نتائج الانتخابات)، واستهدفت من الخبر تقديم الدعم للمرشح «ذلفى لوانالى». حسب الخبر حصل ذلفى لوانالى على المركز الأول، وبدر الدين دالان على المركز الثاني، وإيلهان كاسيجي على المركز الثالث، وطيب أردوغان على المركز الرابع..وذُكِر في الخبر أن شركات تركية محلية قد أجرت هذه الإستطلاعات.. فما كان من حملة اردوغان إلا أنها كلفت شركة (بريتيش جالوب) العالمية بإجراء استطلاع للرأي..حيث كشفت الاستطلاعات عن نتائج تختلف تماماً عن المنشور في صحيفة (صباح)، فقد احتل «طيب أردوغان» المركز الأول بدلاً من المركز الرابع، وأتي «إيلهان كاسيجي» في المركز الثاني بدلاً من المركز الثالث، بينما أصبح «ذلفى لوانالى» في المركز الثالث بعد أن أظهرته صحيفة «صباح» في المركز الأول..أما بدر الدين دالان فظهر في المركز الرابع. وقال أردوغان في مؤتمر صحفي قبل الانتخابات بأسبوع: «الأرقام لا تنطق بالكذب، ولكن الكاذبين ينطقون بالأرقام..ها أنتم ترون! الكاذبون يعلنون عن أرقامٍ تظهرنا في المرتبة الأخيرة، وسنلتقي مرة أخرى بعد الانتخابات..» وظهرت نتيجة الإنتخابات لتتطابق مع ما أعلنه اردوغان لتضيف أبعاداً جديدة لمصداقيته في بداية توليه لمنصبه.. ملحوظة: بيعت صحيفة صباح في سنة 2001..وفي سنة 2007 ضبطت حكومة اردوغان مستندات قانونية تم اخفاؤها عمداً بغرض التلاعب أثناء عملية البيع..تمت محاسبة المسئولين..وتم عرض الصحيفة للبيع..فاشترتها مؤسسة تركواز الموالية للإسلاميين..وهي الآن مملوكة لمؤسسة كايلون الموالية أيضا للإسلاميين.. ___________________________________ (5) ما إن وصلت الحملة الانتخابية إلى أسبوعها الأخير حتى اتضحت الصورة، وبدا أردوغان على عكس كل التوقعات الأقرب إلى الفوز. وعليه تحركت بعض الأوساط الإعلامية لاغتنام الفرصة. وفي يوم من الأيام اتصل «أحمد أوزال» صاحب القناة السادسة التلفزيونية هاتفيًّا «بأردوغان»، وطلب لقاءه وألح في ذلك. فذهب أردوغان ومعه بعض أصدقائه إلى مبنى القناة في حي (أسان تبه)، بعد أن أنهى أعماله اليومية، وكانت الساعة تشير إلى ما بعد منتصف الليل بكثير. ولم يكن «أحمد أوزال» ينتظر أردوغان في غرفته وحده، بل كان معه ضيف آخر. وما إن وصل أردوغان ومجموعته حتى تعرف الجميع إلى بعضهم. وقال «أحمد أوزال» لأردوغان: «أقدم لك صديقي مصطفى سوزار، لعلك سمعت باسمه من قبل، إنه من أكبر رجال الأعمال في بلدنا...». قال «مصطفى سوزار»: «إن استطلاعات الرأي العام التي قمنا بإجرائها تظهر أنك في المرتبة الأولى. ولكن، يلزمك القيام بحملة أخيرة من أجل تعزيز موقفك أكثر من ذلك». فرد عليه أردوغان قائلاً: «وماذا تقترح عليَّ بخصوص هذه الحملة؟». فقال: «يمكنك القيام بهذه الحملة خلال الأسبوع الأخير عن طريق نشر إعلانات في الصحف والجرائد بكثافة، وبحجم كبير يستوعب صفحات كاملة. وأنا أعلم أن إمكانياتكم المادية لا تسمح بذلك. فإذا سمحتم لي، فأنا أريد أن أتكفل بهذه المصاريف، وكل ما عليكم فعله هو إعداد الصور والمعلومات اللازمة». وكأن أردوغان كان قد استنبط مغزى هذه الدعوة قبل الحضور إلى مبنى القناة، لذلك نهض واقفاً وقال من دون أن يعطي محدثه الفرصة لأن يضيف إلى كلامه شيئاً: «أشكرك على نصائحك واقتراحاتك. ولكنني لن أضع نفسي مطلقاً تحت هذه الأعباء». لقد أراد «مصطفى سوزار» أن يكون صاحب فضل على (رئيس المستقبل) حتى يضمن لنفسه حلاًّ للمشكلات التي تتعرض لها شركته (غوك قفص) التي تعمل في مجال الإنشاءات غير الشرعية، ولكنه فوجئ بردٍّ عنيف من أردوغان لم يتوقعه فأخذته الدهشة كل مأخذ وظل في مقعده، ولم يستطع النهوض عنه. _______________________________ (6) اندهشت حملة اردوغان أنه كان يتحدث أحياناً في خطاباته عن معلومات لم يكن لهم دخلٌ في جمعها أو معرفتها. فعلى سبيل المثال، كان يقول: سنقوم بتطهير مياه خليج البوسفور بالفلاتر وأجهزة التنقية... ولم يكن أعضاء حملته يعرفون عم يتكلم..لم يدرسوا الموضوع من قبل بهذه التخصصية... بعد بضعة أسابيع اكتشفوا أن اردوغان أسس مجموعة من الأكاديميين من جامعة «تكتيك»، وكانت مهمة هذه المجموعة دراسةَ عدد من مشكلات اسطنبول، وطَرحَ حلولٍ لها مثل مشكلة المياه والصرف الصحي، والمواصلات، والبيئة، والقمامة... فأصبح دور أعضاء الحملة هو الحصول على تفاصيل مشكلات اسطنبول من البلديات..بينما تعكف المجموعة الأكاديمية على الحلول العلمية.. كان التلوث الجوي يصيب الأطفال بالتسمم..وكانت مشكلة توفر المياه أشد وأنكى. كما أن أكوام القمامة قد تكومت كالتلال في حي (عمرانية)، وتسببت في أمراض أودت بحياة عدد من المواطنين آنذاك. أما وسائل النقل والمواصلات فكانت في غاية السوء والتعقيد..والصرف الصحي تفجرت مصارفه وأنابيبه، وأضحت روائح مياه الصرف الصحي تفوح من معظم الشوارع والطرقات. ولم يعد أحد يستطيع التمتع بمنظر البوسفور والسير على جانبيه وذلك بسبب رائحته النتنة وهوائه الملوث... ذات يوم توجه اردوغان بناظريه تجاه خليج البوسفور، وقال لرفاقه: «سمعت أن بعض المتخصصين قد قالوا إن هذا الخليج قد فسد أمره ولا يمكن إصلاحه بعد ذلك. في حين أن أصدقاءنا في جامعة اسطنبول للتقنيات يقولون عكس ذلك. إن شاء الله سيكون إنقاذ هذا المكان أول عمل نقوم به بعد الفوز بالانتخابات».. لم يكن أردوغان يتحدث من منطلق الدعاية الانتخابية، بل كان يتحدث عن مشاعره وعن المهام التي يخطط لها ويفكر في إنجازها. لقد كان صادقاً في ما يقوله لأقصى درجة. كانت كلماته هذه تعبر عن رجل يطلب صلاحيات ومسؤوليات لأداء عمل ما. إن قوة التأثير لدى أردوغان تنبع في الأساس من هذا المنطلق... قال يوماً لزملائه في الحزب: «إن المواطنين يريدون أن يمنحونا أصواتهم، ولكنهم يشعرون وكأن جداراً يفصل بيننا وبينهم. وهذا الجدار هو الذي يحول بيننا وبين الاتصال بهم. فلو استطعنا أن نجد طريقة أو أسلوباً للتواصل مع الشعب، لانهار ذلك الجدار، ولأصبح حزبنا الحزب الأول في تركيا». صدق وأخلص واتبع منهجاً علمياً وكسر الجدار بينه وبين الناس...فنجح... ________________________________ (7) كان لحملة اردوغان الإنتخابية عدة شعارات متعاقبة..لكن كان أهمهم الشعار الأخير: "تمام..إن شاء الله.." قام المتطوعون من الشباب بكل حماس وهمة بنشر هذا الشعار في كل أرجاء اسطنبول ليلة الإنتخابات...وكانت ميزته أنه لا يتعارض مع فترة الصمت الإنتخابي..فهو لا يذكر ولا يزكي مرشحاً بعينه..ولكن معروف أن مثل هذ الشعار لن يخرج إلا من جعبة الإسلاميين.. كان لهذا الشعار تأثير سحري..خصوصاً على الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم إلا في اليوم الأخير.. وتحول الإصرار على النصر إلى هتاف ترددت أصداؤه في كل شارع وزقاقٍ من أزقة اسطنبول: «تمام إن شاء الله». ولم يخذلهم الله! ويؤدي أردوغان أول صلاة جمعة له بعد الانتخابات في مسجد السلطان أيوب. وشهد الجامع ازدحاماً شديداً كيوم الحشر، وبعد الصلاة تدفق المصلون من صحن المسجد إلى الخارج في مسيرة مهيبة صامتة ووقورة ملأت كل شبر في الشوارع المحيطة بمسجد السلطان أيوب. ولم يستطع المتظاهرون إخفاء فرحتهم وفخرهم بذلك النصر، فقد فضحتهم عيونهم ببريق الفرحة والسرور. لقد دخلوا ذلك السباق وهم أضعف المتنافسين، وخرجوا منه منتصرين فائزين على الجميع. فالحمد لله والفضل منه! وفي يوم الجمعة الأول من إبريل استلم الريِّس أردوغان ختم رئاسة بلدية اسطنبول من «نور الدين سوزان». وفي ذلك اليوم، احتشد نحو مليون شخص منحوا أصواتهم «لأردوغان» أمام مقر بلدية (مدينة اسطنبول الكبرى)، ووقفوا في هدوء يعبر عن نضج ووعي لا يتركان مجالاً للاضطرابات أو الفوضى.. كان المواطنون ينظرون إلى الطريقة التي يُلقي بها أردوغان خطابه أكثر من اهتمامهم بما يتحدث فيه؛ فقد انبهروا أمام مصداقيته وإخلاصه الواضحين في حديثه، وكلماته التي بدا أثرها باستخدامه لغة البدن من إشارات بيديه، وإيماءات برأسه، وحركات بذراعيه. وقد بدت وجوه المواطنين مشرقة باسمةً من فرط الفرح والسرور، وكيف لا وقد عانوا نحو قرن من الزمان القهر والاستبداد والتخلف والتهميش؟ وبينما يتسلل صوت أذان العصر من فوق مآذن جامعة (الشهزاده باشى) إلى مبنى بلدية (اسطنبول الكبرى) عبر نوافذه المفتوحة، ويمر على مكاتبها وطرقاتها كنسمات الربيع وهي تداعب أوراق الشجر وأصناف الورود، ينفضّ ذلك الجمع الغفير من المواطنين، ويبدأ الهدوء يخيم على مكاتب البلدية وقاعات الاجتماعات فيها، وينصرف الناس. وكان الريس أردوغان مع مجموعة من أصدقائه في حجرة صغيرة بجانب حجرة رئيس البلدية. وما إن سمع أردوغان صوت الأذان حتى نهض بكل أدب ووقار عن الأريكة التي كان يجلس عليها، وقال: «لو سمحتم تفضلوا بالخروج الآن...»... __________________________ ![]() رقية..تجربة أجرتها الدكتورة ديبورا سمول...الأستاذة بجامعة بنسلفانيا... شملت التجربة نموذجين لمخاطبة الجمهور من أجل جمع التبرعات.. فى النموذج الأول...كان الخطاب كالتالي: - نقص الغذاء فى مالاوى يؤثر على 3 ملايين طفل..3 مليون مواطن فى زامبيا يعانون من الجوع..أكثر من 4 مليون شخص فى أنجولا أجبروا على مغادرة بيوتهم..أكثر من 11 مليون أثيوبى يحتاجون لمساعدات غذائية عاجلة.. في النموذج الثاني..كان الخطاب كالتالي: - المبلغ الذي تتبرع به الآن سيذهب لرقية..طفلة عمرها 7 سنوات تعيش فى مالي..إنها على وشك الموت جوعا..بفضل هديتك وهدايا الآخرين سنعمل مع أهل رقية على تغذيتها وتعليمها وتوفير الرعاية الطبية لها.. كانت المحصلة أن النموذج الثاني جمع تبرعات أكثر بنسبة 30% تقريبا... من هنا..استنتج البحث 3 أمور: 1- أن القصة تؤثر فى الناس أكثر من المعلومات المجردة..خاصة إذا كانت قصة شخصية بعينها.. 2- أن مخاطبة القلوب أكثر فاعلية من مخاطبة العقول.. 3- أن الجمهور يكون أكثر إستجابة إذا أقنعته أن مشاركته ستؤدى لتغيير مؤكد ولو ضئيل..بينما تقل الإستجابة إذا شعر المتلقي أن الصورة أسوأ من أن تغيرها مشاركته.. _____________________ من المهم أن نضع هذا في الحسبان والإعتبار...سواء على مستوى فعاليات الشارع أو الخطابات الجماهيرية أو الفيديوهات و أية مبادرات تسعى لمشاركة ودعم شعبي... سواء كانت (قصة) أو (مناظر)...الفيديوهات في جميع الأحوال..أعمق من اللافتات والهتاف.. _____________________ ![]() *البشر معدومو الإنحيازات قليلون جدا... ستجد شيئا محفورا فى داخله أو داخلها منذ قديم الأزل..قد يكون مشهدا سينمائيا أو قصة أو معلومة فى كتاب تاريخ أو ربما شىء يخجل أن يفصح عنه بصراحة.. أصحاب المصالح ليسوا فقط رجال الأعمال والفنانين والمسيحيين وقيادات الجيش والشرطة والإعلام والقضاء والفسدة من المواطنين العاديين.. * الإستقطابات لا تساعد في تحرير الوعي..بل ترسخ الرعب أكثر..وتختصر الخيارات في إثنين فقط.. والخيار الإسلامي الذى يختلط فيه الإخوانى بالسلفى بالجهادى بالتكفيري فى فريق واحد..لن يكون خيارا مفضلا للأغلبية..حتى المتدينة.. * أضف إلى مسألة الإنحيازات أن الكثيرين خصوصا فى مصر يحبون أن يسيروا مع (الرايجة)... اتباع الإنحياز (الرائج) وسيلة لإكتساب شعبية...وتجنب الصداع والمشاكل والأذية... * هرم ماسلو لطبقات الإحتياجات الإنسانية..على حسب أولويتها للإنسان..يثبت لنا أن الإحتياجات الفسيولوجية (التي نشترك فيها مع الحيوانات): أكل وشرب وجنس ونوم ومأوى وغيرها موجودة فى القاعدة.. ثم الأمان فى الطبقة التالية..ثم الحب والعاطفة فى الطبقة التالية..ثم الشعور بالكرامة والإحترام والنجاح...ثم تحقيق الذات... كل الديكتاتوريات تلعب على تهديد قاعدة الهرم...فلا يملك المواطن رفاهية المطالبة بالكرامة والحرية والتصدي للفساد وسياسة الدولة والميزانية وتحسين الصحة والتعليم... دائما هناك...خوف...دائما هناك تهديد للأمن..دائما هنا عدو ومؤامرة... دائما هناك تهديد للخبز والبنزين والمسكن... لماذا يدير العسكر محطات بنزين ؟ لماذا ينزلون بأوتوبيساتهم كلما حدثت أزمة ؟ لماذا يبيعون للمواطنين لحوم وأجبان ومكرونة وحتى المياه المعدنية ؟ لأنهم يخاطبون قاعدة الهرم... بينما تعارض انت العسكر...فتحدث الناس عن أمور في قمة الهرم..قد يستجيبون لها عندما يصلوا لمرحلة من الرقي والرفاهية تتوفر لهم فيها الإحتياجات الأساسية مثلهم مثل شعوب الدول المتقدمة... وهو ما لم يحدث على مدار 60 سنة حكم عسكر..ولن يحدث طالما احتكروا الحكم.. * البحث عن الحقائق بشكل منصف مرهق ذهنيا ونفسيا وبدنيا...ويستهلك وقتا كبيرا..لذلك قل من البشر من يسعى حثيثا له أو يقدر عليه..إلا إذا كان مضطرا لذلك أو له مصلحة ما... لذلك يلجأ العقل الباطن لآليات تُسمى بالheuristics...من باب التأقلم والإستسهال.... مثلا Number Heuristic وهى بالفعل تؤدي ل(تلوث) الوعي الجمعي برقم ما.. ومهما بذلت من محاولات (علمية منطقية) لإثبات خطأه..فسيظل جزءا لا يتجزأ من ذاكرة عدد كبير من العامة... يوجد أيضا..Availability Heuristic...هنا يستقر فى العقل الباطن أن ظاهرة ما منتشرة أو سلوك ما منتشر..نتيجة كثرة تداول الأخبار المتعلقة به صدقا أو كذبا... كذلك يوجد الRepresentative Heuristic..بمعنى أنك لا تعرف من مجموعة ما إلا شخص واحد..فتعمم صفاته عليهم جميعا... التنميط أو الstereotyping تعرف صعيديا واحدا..فتعمم سلوكياته على كل الصعايدة... تعرف انجليزيا واحدا..فتعتقد أن كل الإنجليز يتحلون بنفس صفاته... تعاملت مع مندوب لشركة ما..فتعتقد أن هذه الشركة كذا وكذا..بناءا على أداء مندوبها... * الأجهزة الأمنية تعرف هذا كله..وتحفظه عن ظهر قلب ولديها خطط جاهزة للعب عليه..وانت لم يكن لديك شيء من هذا..ومازلت.... _________________ الخطوات العملية المقترحة: _________________ 1- المطلوب هو تحرير وعي أكبر عدد ممكن من الناس لا المجتمع كله...لأن وعي الكثيرين سيظل عصيا على التحرير مهما فعلنا... 2- المقصود بتحرير الوعي أن تفك الحصار الواقع عليه من الكيانات المنحرفة الفاسدة..وتساعده على أن يفكر بشكل مستقل مبدع..وأن ينحاز للحق بنفسه وباختياره..لا لصفك ولا لفكرك تحديدا... 3- المستهدفون فى الأساس هم فئات المجتمع التي غيبها الجهل والتقليد والإنغلاق...أما أصحاب الإنحيازات العميقة المتجذرة..أتباع مصالحهم وأهواءهم فإشكاليتهم ليست إشكالية وعي من الأصل.. 4- لا جدوى من الإتيان بفيديوهات وما شابه تثبت أدلة مادية ما لم تتغير طريقة التفكير ذاتها.. 5- توجد مفاتيح للمجتمع ذات أهمية قصوى فى الخطاب الشعبي: على سبيل المثال: أصحاب السلطة حتى لو كانت سلطة محدودة (مشرف على عمال مثلا)..سائق الميكروباص أو التاكسي..بائع الصحف..محصل الكهرباء..الباعة المتجولون..الموظفون المتعاملون مع الجمهور..عمال إصلاح السيارات.. 6- قاعدة أرسطو العتيقة بخصوص الإقناع مازالت حتى الآن قاعدة ذهبية: Ethos - Pathos - Logos Ethos شخصية المتحدث ومدى مصداقيته وشعبيته... Pathos المحتوى العاطفى للكلام وتأثيره فى مشاعر المتلقي.. Logos المنطق العقلاني الذي يحمله المحتوى بأدلته الدامغة.. 7- المسألة عبارة عن معادلة نسعى لتحقيقها: - أكبر عدد من الناس + تأثير عميق إلى درجة تحدث تغيير + استمرارية للتأثير... (الفائدة محدودة إذا أقنعت أفرادا يعدون على الأصابع..الفائدة محدودة إذا لم يغير كلامك فكرهم..الفائدة محدودة إذا ذهب تأثيرك أدراج الرياح فى اليوم التالي).. 8- وبالتالى...الأكثر نجاحا والأضخم تأثيرا يكون على الترتيب التالي: أ- الواقع المعاش.. ب - القنوات التليفزيونية ج- اليوتيوب ومواقع التواصل الإجتماعي.. د- الصحف المطبوعة..والمواقع الكبرى على النت (خارج مواقع التواصل واليوتيوب).. ه- فعاليات الشوارع و- الإقناع الشخصي وجها لوجه..مع فرد أو عدد من الأفراد... 9- يجب أن يكون فى حسباننا عند تفاعلنا مع عامة الشعب في البيت والشارع ووسائل المواصلات وأماكن العمل..أن المدخل دائما من قاعدة هرم الإحتياجات الإنسانية لا من قمته. ابدأ حديثك مع سائق التاكسي أو الميكروباص عن الوقود وقسط السيارة (كما فعل أحمد شفيق عن التاكسي الأبيض فى أوج حملته الإنتخابية وسخرنا منه)... حدث الفلاح عن سعر توريد القمح والقطن..فلن يستوعب ولن يهمه حديثك عن الحريات من الأصل.. حدث ربة البيت عن الأسعار وأزمة البطاطس..لا عن التبعية والإنبطاح لأمريكا واسرائيل.. 10- إلى جانب سعيك المستمر المخلص لعرض الحقائق...لا غنى عن إستخدام ظاهرة الHeuristic المشروحة أعلاه في تشكيل الوعي لأنها جزء لا يتجزأ من الطبيعة البشرية..سيستغل ضدك إن لم تستغله لصالحك... 11- قواعد ذهبية في حوارات الإقناع: - ابدأ بامتداح الطرف الآخر وانك لم تكن لتسعى لإقناعه إلا لثقتك في ذكائه وعدله ونقائه.... - سواء فى حوارات النت أو الحوارات وجها لوجه...لا يفيد على الإطلاق تحويل الموضوع لصيغة المناظرة..عندئذ يتحول الأمر لتحد بغرض تحقيق إنتصار...صيغة المناظرة تنفع فقط لإجتذاب المحايدين من المتابعين.. - إذا تحول النقاش لصراع رغما عنك...فلا تستمر فيه إلا وانت متحكم في أعصابك.. إذا فقدت أعصابك توقف وأكمل لاحقا.. - لو لم تكن لديك ثقة بنفسك..اصطنعها... - منطق منع الخسارة أقوى من منطق تحقيق المكسب...ركز على ما سيخسره لو استمر فيما هو عليه..أكثر من تركيزك على مكاسب تغيير أفكاره.. - لغة الأرقام بمصادرها شديدة الفاعلية في منطق الحوار.. - إخفاء جزء من الحقيقة أو العيوب لن يفيد..اعترف بها من البداية...واشرح أنك بدأت بالفعل في خطة للإصلاح.. - فكرة الشرير الكامل والطيب الكامل..والحق والباطل..تلغي تقريبا أية فرصة لتراجع الطرف الآخر...هو لديه بالفعل ما يصر أنه حق ولو جزئيا...كن دائما لينا ومستعدا للإعتراف ببعض المزايا لدى الآخر وبعض العيوب عندك... - صاحب السلطة يحتاج لأسلوب خاص في التعامل..لا تحاول إقناعه وهو في محل سلطته.. في مرحلة الإقناع..حدثه وهو خارج مكان سلطته وأوقات عمل سلطته والموضوعات المتعلقة بسلطته.. بعد أن يقتنع...حاول أن تصل لحلول عملية وهو في قلب سلطته..في محل عمله في وقت عمله وفى موضوعات تتعلق بعمله..وذكره بأهميته فى تغيير الأحوال للأفضل..ومدى الخسارة إن لم يسع لذلك بما منحه الله من صلاحيات.. - أثبت العلم الحديث أن صيغة المباهلة الواردة فى القرآن الكريم من أنجح وسائل إنهاء المناقشة عندما يبدو أنها لن تقدم جديدا: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَإذِبِينَ)... خلاص...كلٌ قال ما عنده ولم يقتنع أى منا بما جاء به الآخر...واستنفذنا كل الوسائل.. يا رب...من يستمر فى عناده بالباطل يلقى ما يستحق فى الدنيا والآخرة... ![]() إثنتا عشرة قاعدة ذهبية فى حوارات الإقناع: ____________ 1- حوارات النت تفتقد البعد الإنساني وتعبيرات الوجه...مما يعظم من سوء التفاهم ويقلل من التأثير العاطفي..وهو أحد أركان الإقناع الثلاثة ( Ethos -Pathos - Logos = شخص المتحدث - العاطفة - المنطق) 2- الحوارات وجها لوجه..تتميز بفرص عديدة للوصول لعقل وقلب الآخر: - مناسبة أو نشاط مشترك - علاقة شخصية - خدمات أو مصالح متبادلة 3- ابدأ بامتداح الطرف الآخر وبيان صفاته الطيبة..وانك لم تكن لتسعى لإقناعه إلا لثقتك في ذكائه وعدله ونقائه.... 4- سواء فى حوارات النت أو الحوارات وجها لوجه...لا يفيد على الإطلاق تحويل الموضوع لصيغة المناظرة فى إقناع الطرف الآخر..عندئذ يتحول الأمر لتحد بغرض تحقيق إنتصار... صيغة المناظرة تنفع فقط لإجتذاب المحايدين من المتابعين.. 5- إذا تحول النقاش لصراع رغما عنك...فلا تستمر فيه إلا وانت متحكم في أعصابك.. إذا فقدت أعصابك توقف وأكمل لاحقا.. 6- لو لم تكن لديك ثقة بنفسك..اصطنعها... 7- منطق منع الخسارة أقوى من منطق تحقيق المكسب... ركز على ما سيخسره لو استمر فيما هو عليه..أكثر من تركيزك على مكاسب تغيير أفكاره.. 8- لغة الأرقام بمصادرها شديدة الفاعلية في منطق الحوار.. 9- إخفاء جزء من الحقيقة أو العيوب لن يفيد..في عالم مثل الذى نعيشه اليوم يوجد على الأقل شخص واحد قادر على كشفها ونشرها..وفي هذه الحالة ستدمر كل ما بنيته.. (خليها تيجي منك.. :) ) اعترف بها من البداية...واشرح رؤيتك لها ولتأثيرها وتعامل معها على أنها جزء من الpackage الباقة..أو أنك بدأت بالفعل في خطة للإصلاح.. 10- فكرة الشرير الكامل والطيب الكامل..والحق والباطل..تلغي تقريبا أية فرصة لتراجع الطرف الآخر...هو لديه بالفعل ما يصر أنه حق ولو جزئيا...كن دائما لينا ومستعدا للإعتراف ببعض المزايا لدى الآخر وبعض العيوب عندك... 11- صاحب السلطة يحتاج لأسلوب خاص في التعامل.. لا تحاول إقناعه وهو في محل سلطته.. ينطبق هذا على الزمان والمكان والموضوع.. في مرحلة الإقناع..حدثه وهو خارج مكان سلطته...وفي غير أوقات عمله كصاحب سلطة..وفي أمور لا تتعلق بسلطته..(ركز على الموضوعات والمداخل التي تعرف أنه لا يفقهها... :) ).... بعد أن يقتنع...استأنف كلامك معه لتصل لحلول عملية وهو في قلب سلطته..في محل عمله في وقت عمله وفى موضوعات تتعلق بعمله..وذكره بسلطته وأهميتها فى تغيير الأحوال للأفضل وبقدرته على ذلك..ومدى الخسارة إن لم يسع لذلك بما منحه الله من صلاحيات.. 12- أثبت العلم الحديث أن صيغة المباهلة الواردة فى القرآن الكريم من أنجح وسائل إنهاء المناقشة عندما يبدو أنها لن تقدم جديدا: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَإذِبِينَ)... خلاص...كلٌ قال ما عنده ولم يقتنع أى منا بما جاء به الآخر...واستنفذنا كل الوسائل.. يا رب...من يستمر فى عناده بالباطل يلقى ما يستحق فى الدنيا والآخرة... لذلك...يجن جنون الكثيرين من مؤيدي السيسي عندما يقال لهم: ربنا يحشركم معاه.. ____________________________ لمزيد من القراءة: ________________ http://www.recveb.ucsb.edu/…/OnlinePersuasionChapter.PDF.pdf http://www.academia.edu/…/Social_influence_online_The_impac… http://www.spring.org.uk/…/communicating-persuasively-email… http://www.spring.org.uk/…/balanced-arguments-are-more-pers… http://www.uky.edu/…/CJT780/r…/Day%202/OKeefeJackson1995.pdf http://www.trialscienceinc.com/recognizing-and-refuting-th…/ ![]() هل تجد أية صعوبة في تحديد أى من الخطوط على اليمين..يماثل طول الخط على اليسار ؟ أكثر من 99% من البشر الطبيعيين فى الظروف العادية لا يجدون مشكلة على الإطلاق في الوصول للإجابة الصحيحة.. لكن..وياللعجب..تحت نوع من الضغط..حوالى ثلث البشر الطبيعيين..اختاروا الإجابة الخطأ... لا تصدق الكثيرين ممن يقولون لك أنهم عقليات مستقلة لا تنساق وراء القطيع.. _______________ هذه التجربة اسمها تجربة أش للمطابقة... باختصار...طُلب من شخص أن يحدد إجابته بعد أن سبقه 7 أفراد (تم الإتفاق معهم مسبقا) بالإجابة الخطأ..فكانت النتيجة أنه إنساق وراءهم واختار الإجابة الخطأ...تكرر هذا مع ثلث من خاضوا التجربة..بينما أصر على الإجابة الصحيحة حوالى الثلثين... ولكن تذكر أن نسبة الإجابات الصحيحة على مثل هذا السؤال فى الأحوال العادية تزيد على ال99%.. ولك ان تتخيل (مدى الإنسياق) على إجابات أكثر صعوبة ووعورة وأقل وضوحا.. إجابات على أسئلة تلاعب إعلام فاسد ونخب مضللة وظروف حياتية شاقة وتراث من التعليم المتدني وتلويث البيئة العقلية..بكل مفرداتها... ماذا عن الضغوط الأخرى ؟ ماذا لو كنت مهددا بالإعتقال أو الفصل من العمل أو الضرب بالنار..أو الإحتقار..أو حتى أن تعيش منبوذا...إذا نطقت بالإجابة الصحيحة ؟؟!! أبسط من هذا..تذكر كم مرة كنت فى ميكروباص أو جلسة عائلية أو اجتماع عمل..ولك رأى مخالف تماما لكل الموجودين...كم مرة صرحت برأيك الحقيقي..وما الذى نالك من جراء هذا ؟ تذكر أيضا أن الأشخاص أصحاب الفكر الواحد يتجمعون معا دائما...مما يصعب من عملية التغيير الجمعي.. نحن نريد دائما بطبيعتنا أن نتأقلم مع محيطنا..فيساعدنا عقلنا الباطن بإقناعنا أن ما نتبناه (حقائق).. البحث عن الحقائق بشكل منصف مرهق ذهنيا ونفسيا وبدنيا...ويستهلك وقتا كبيرا..لذلك قل من البشر من يسعى حثيثا له أو يقدر عليه..إلا إذا كان مضطرا لذلك أو له مصلحة ما... لذلك يلجأ العقل الباطن لآليات تُسمى بالheuristics...من باب التأقلم والإستسهال.... مثلا: إذا قيل لك أن من نزلوا فى 30 يونيو 33 مليون..كلما ذهبت لمكان قيل لك انهم 33 مليون...كلما فتحت التلفاز قالوا لك أنهم 33 مليون...كلما قرأت صحيفة وجدتهم 33 مليون... فى النهاية ستصدق..أنهم 33 مليون..أو على الأقل (كثييييييييرييييييين جداااااااااااا)....لن تتعب نفسك بالبحث عن العدد الحقيقى..فربما لن تصل له أبدا..ولو وصلت له لن يصدقك أحد...ولو صدقك بعضهم فلن يغير هذا من الأمر شيئا.. أساليب مثل تلك ناجحة جدا..وتمت تجربتها كثيرا..مثلا فى عدد ضحايا اليهود جراء الهولوكوست...وفى دعاية الشركات وغيرها..(الجدع يعد ورانا).. هذا يُسمى Number Heuristic وهى بالفعل تؤدي ل(تلوث) الوعي الجمعي بهذا الرقم.. ومهما بذلت من محاولات (علمية منطقية) لإثبات خطأه..فسيظل جزءا لا يتجزأ من ذاكرة عدد كبير من العامة... يوجد أيضا..Availability Heuristic...هنا يستقر فى العقل الباطن أن ظاهرة ما منتشرة أو سلوك ما منتشر..نتيجة كثرة تداول الأخبار المتعلقة به صدقا أو كذبا... مثلا...تنشر شركة ما خبرا أسبوعيا عن فوز أحد المواطنين بجائزة من جوائزها..فيتخيل الكثيرون أن فرصهم فى الفوز عظيمة..رغم أن النسبة العلمية لا تتعدى الواحد في الألف..أو يتخيل الناس أن مجموعة معينة سلوكها إجرامي..نظرا لتعمد الإعلام إلصاق كل جريمة بهم...أو أن أهل البلد الفلاني مصابون بمرض كذا..نظرا لتوارد الأنباء عن إصابة عدد منهم بهذا المرض..دون أن يتعب البعض تفكيره فى إحصاء نسب المصابين لنسب الأصحاء.. كذلك يوجد الRepresentative Heuristic..بمعنى أنك لا تعرف من مجموعة ما إلا شخص واحد..فتعمم صفاته عليهم جميعا... التنميط أو الstereotyping تعرف صعيديا واحدا..فتعمم سلوكياته على كل الصعايدة... تعرف انجليزيا واحدا..فتعتقد أن كل الإنجليز يتحلون بنفس صفاته... تعاملت مع مندوب لشركة ما..فتعتقد أن هذه الشركة كذا وكذا..بناءا على أداء مندوبها... وهنا يبرز بقوة دور الممثل الرسمي أو المتحدث الرسمي باسم كيان ما... وما أدراك ما المتحدث الرسمي..!!! يحتاج لحلقة مستقلة.. ________ - فيديو تجربة أش للمطابقة https://www.youtube.com/watch?v=QcmvbXgmdsU ![]() كم مرة سمعت أحدهم أو إحداهن من عامة الشعب تقول ان الرئيس (هو اللى حامينا) و(الجيش هو اللى حامينا)...؟ أنا شخصيا سمعتها عشرات المرات من البسطاء... وهو طبعا تصور مضحك جدا في مفهوم أي دولة حديثة... وكأن الرئيس أو الجيش (فتوة) في حارة شعبية.. عندما قال الدكتور مصطفى الفقى عقب ثورة يناير..أن فتح السجون وإطلاق البلطجية والمجرمين على الناس..ليس إلا خطة معدة مسبقا لمواجهة أية إحتجاجات شعبية ضد التوريث لجمال مبارك..كان يتكلم عن خطة ذات أسس علمية.. عندما عملت الدولة العميقة على استفحال أزمات الوقود والكهرباء في عهد الدكتور مرسي..كانت تنفذ خطة ذات أسس علمية... عندما أخرج السيسي للشعب وحش الإرهاب من كم بدلته العسكرية...لم يأت بجديد خارج نفس الخطة العلمية.. _______________ في سنة 1943..عرض علينا العالم الشهير ابراهام ماسلو هرم طبقات الإحتياجات الإنسانية..على حسب أولويتها للإنسان.. فجاءت الإحتياجات الفسيولوجية (التي نشترك فيها مع الحيوانات): أكل وشرب وجنس ونوم ومأوى وغيرها فى القاعدة.. ثم الأمان فى الطبقة التالية..ثم الحب والعاطفة فى الطبقة التالية..ثم الشعور بالكرامة والإحترام والنجاح...ثم تحقيق الذات... كل الديكتاتوريات تلعب على تهديد قاعدة الهرم...فلا يملك المواطن رفاهية المطالبة بالكرامة والحرية والتصدي للفساد وسياسة الدولة والميزانية وتحسين الصحة والتعليم... دائما هناك...خوف...دائما هناك تهديد للأمن..دائما هناك إرهاب..دائما هنا عدو ومؤامرة... دائما هناك تهديد للخبز والبنزين والمسكن... لماذا يدير العسكر محطات بنزين ؟ لماذا ينزلون بأوتوبيساتهم كلما حدثت أزمة ؟ لماذا يبيعون للمواطنين لحوم وأجبان ومكرونة وحتى المياه المعدنية ؟ لأنهم يخاطبون قاعدة الهرم... بينما تعارض انت العسكر...فتحدث الناس عن أمور في قمة الهرم..قد يستجيبون لها عندما يصلوا لمرحلة من الرقي والرفاهية تتوفر لهم فيها الإحتياجات الأساسية مثلهم مثل شعوب الدول المتقدمة... وهو ما لم يحدث على مدار 60 سنة حكم عسكر..ولن يحدث طالما احتكروا الحكم.. هذا ما يجب أن نضعه فى حسباننا عند تفاعلنا مع عامة الشعب في البيت والشارع ووسائل المواصلات وأماكن العمل... يجب أن يكون المدخل دائما من قاعدة الهرم لا من قمته.. حدث سائق التاكسي أو الميكروباص عن الوقود وقسط السيارة (كما فعل أحمد شفيق عن التاكسي الأبيض فى أوج حملته الإنتخابية وسخرنا منه)... حدث الفلاح عن سعر توريد القمح والقطن..فلن يستوعب ولن يهمه حديثك عن الحريات من الأصل.. حدث ربة البيت عن الأسعار وأزمة البطاطس..لا عن التبعية والإنبطاح لأمريكا واسرائيل.. _________________________ فيديو مصطفى الفقي https://www.youtube.com/watch?v=m_tGLYMirYg ![]() لنتفق على بعض القواعد أولا: 1- المطلوب هو تحرير وعي أكبر عدد ممكن من الناس لا المجتمع كله...لأن وعي الكثيرين سيظل عصيا على التحرير مهما فعلنا... 2- المقصود بتحرير الوعي أن تفك الحصار الواقع عليه من الكيانات المنحرفة الفاسدة..وتساعده على أن يفكر بشكل مستقل مبدع..وأن ينحاز للحق بنفسه وباختياره..لا لصفك ولا لفكرك تحديدا... 3- المستهدفون فى الأساس هم فئات المجتمع التي غيبها الجهل والتقليد والإنغلاق...أما أصحاب الإنحيازات العميقة المتجذرة..أتباع مصالحهم وأهواءهم فإشكاليتهم ليست إشكالية وعي من الأصل.. 4- لا جدوى من الإتيان بفيديوهات وما شابه تثبت أدلة مادية ما لم تتغير طريقة التفكير ذاتها.. 5- توجد مفاتيح للمجتمع ذات أهمية قصوى فى الخطاب الشعبي: على سبيل المثال: أصحاب السلطة حتى لو كانت سلطة محدودة (مشرف على عمال مثلا)..سائق الميكروباص أو التاكسي..بائع الصحف..محصل الكهرباء..الباعة المتجولون..الموظفون المتعاملون مع الجمهور..عمال إصلاح السيارات.. 6- قاعدة أرسطو العتيقة بخصوص الإقناع مازالت حتى الآن قاعدة ذهبية: Ethos - Pathos - Logos Ethos شخصية المتحدث ومدى مصداقيته وشعبيته... Pathos المحتوى العاطفى للكلام وتأثيره فى مشاعر المتلقي.. Logos المنطق العقلاني الذي يحمله المحتوى بأدلته الدامغة.. 7- المسألة عبارة عن معادلة نسعى لتحقيقها: - أكبر عدد من الناس + تأثير عميق إلى درجة تحدث تغيير + استمرارية للتأثير... (الفائدة محدودة إذا أقنعت أفرادا يعدون على الأصابع..الفائدة محدودة إذا لم يغير كلامك فكرهم..الفائدة محدودة إذا ذهب تأثيرك أدراج الرياح فى اليوم التالي).. 8- وبالتالى: أ- الأكبر فاعلية هو الواقع المعاش.. (الأعمق تأثيرا..قد لا تثق فى شخص من يحدثك أو مصداقيته..لكن أحوالك انت شخصيا لن تكذب عليك..) إذا كانت الأحوال السيئة عامة ومستمرة..فلا ينقص الوعي الجماهيري إلا من يضع هذا التردي فى برواز..ويربط بينه وبين المتسبب فيه ربطا منطقيا مقنعا.. الكثيرون من عامة الناس أصحاب الوعي المتدني يدركون تماما مدى بشاعة أحوالهم..ولكنهم لا يربطون بينها وبين الحاكم...ولم يطلعوا على أحوال الشعوب الأخرى وكيف أن حكامها مسئولون عن رفاهية شعوبهم...ولا تتسامح معهم شعوبهم في هذا..وتحاسبهم عليه).. ب- القنوات التليفزيونية (عدد كبير من المشاهدين - تستطيع استخدام شخصيات وتقنيات وحوارات وتغطيات مؤثرة - تتكرر بشكل يومي - تصل للناس فقيرهم وثريهم...جاهلهم ومتعلمهم...فى بيوتهم رغما عنهم - ترتبط بما يحبونه من فقرات مسلية: مسلسلات..أغاني..أفلام..مباريات كرة قدم) ج- اليوتيوب ومواقع التواصل الإجتماعي.. (عدد أقل من المشاهدين ومتابعة أقل إنتظاما - للمتعلمين فقط - تحتاج لرغبة من المتلقى في استقبال المحتوى).. د- الصحف المطبوعة..والمواقع الكبرى على النت (خارج مواقع التواصل واليوتيوب).. ه- فعاليات الشوارع و- الإقناع الشخصي وجها لوجه..مع فرد أو عدد من الأفراد... فى الحلقات القادمة بإذن الله نتناول هذه المنافذ...الواحد تلو الآخر.. ![]() سمعوه يدعو الله على جبل عرفات بحرقة وتضرع وخشوع قلما تجد مثله..وقد اغرورقت عيناه بالدموع: "يا رب..يا رب...يا رب...يا رب الإسلاميين مايوصلوش للحكم يا رب.. يا رب ما تحكمهمش فينا أبدا يا رب... دول لو وصلوا للحكم هايمنعوا مسلسلات رمضان يا رب..." وهكذا..اكتشفوا لأول مرة..لماذا كان الرجل (المشهور بتدينه) يسب الإسلاميين طوال تلك السنوات بدون أن يعطيهم سببا مقنعا لكل هذه الكراهية.. __________________ قد تبدو لك القصة مفبركة...أو مبالغا فيها... لكنها ستبدو طبيعية تماما إذا كنت قد نشأت مع ذلك الرجل على خطابات عبد الناصر..هذا الخطاب على سبيل المثال: https://www.youtube.com/watch?v=pSi_LIqSZnU أو لو كنت قد تأثرت بهذا المشهد مثلا: https://www.youtube.com/watch?v=Tw4YX7oa6Jg أو لو كنت عشت فترة عنف الجماعات الإسلامية فى مصر فى التسعينات وتفجيرات الشوارع والمدارس وقتل السياح.. أو لو كنت تسمع وتقرأ بشكل مستمر منذ سنين بعيدة عن ممارسات الجماعات الإسلامية فى الصومال وأفغانستان وغيرها.... لا تستهون بكل هذا... الكثير من أقاربي وأصدقائي ليست لديهم المعرفة اللازمة للتفرقة بين الإخوان والسلفيين والجهاديين والتكفيريين...كلهم عندهم واحد..كلهم إخوان..كلهم جماعات.. عندما كنت أسألهم: لماذا انتم ضد الإخوان..؟ كانت الإجابات كالتالى: - عايزين ياخدونا للضلمة والتخلف... - مش شبهنا..مش زينا... . ...أحد أقاربي المقربين عمره يناهز الستين..كان لسنين طويلة قدوة لي فى التدين..وجدته مع الإنقلاب.. حاولت جاهدا..أن أستكشف السبب الحقيقي دون جدوى..كلامه كله عام وبدون عمق من نوعية: يستغلون الدين للوصول للحكم - فشلة - مكفراتية...الخ الخ.. بعد بعض الوقت..تذكرت جملة قالها لى منذ 30 سنة...أيام انتخابات مجلس الشعب سنة 1984..حينما تحالف الإخوان مع حزب الوفد..تحت شعار: عودى يا مصر إسلامية.. قال لى أيامها: "كنت ناوى أنتخب الوفد..بس طلعوا إخوانجية.." الرجل الذي أشهد بتدينه المثير للإعجاب في العبادات والأخلاق كان متحمسا لحزب الوفد العلماني..وعدل عن ذلك لما وجده قد تحالف مع من يطالب بالهوية الإسلامية.. عنده إذن إنطباعات محفورة بداخله...وتربى عليها منذ عهد عبد الناصر عندما كان فى سن المراهقة..وربما كان متأثرا بإغتيال السادات على أيدى (الجماعات)..قبلها ب3 سنوات فقط.. (على الرغم من أن نظام السادات ممثلا فى مبارك نفسه سمح لهم بممارسة السياسة ولم يجد لهم إتهاما واحدا يدينهم به..سواء فى إغتيال السادات أو غيره)... قريب آخر قال لى: شوف الإخوان المجرمين بيعملوا ايه... - بيعملوا ايه ؟ - مهندس عندنا فى الشركة اتكفلوا بيه من وهو صغير..بيحفظوه قرآن وصرفوا على تعليمه لحد ما اتخرج لأنه كان يتيم.... - وبعدين...؟ - بس خلاص... - ايه الإجرام فى كده ؟ - خلاص..هايسمع كلامهم بقى وهايبقى ولاؤه لهم فى كل حاجه.. هو لا يمانع أن يقوم الحزب الوطني مثلا باجتذاب الولاءات من خلال توزيع أراضي الدولة على كبار أعضائه أو ايجاد وظائف (بالكوسة) لصغار أعضائه أو الخلط بين ما للحزب وما للدولة من مال وإعلام وخلافه...هذا فساد نعرفه ونعتاده... لكن كسب الولاء لجماعة إسلامية من خلال العمل الخيري والدعوة يعد (إجراما) لأن له ما بعده مما نجهله... المقصود هنا هو الإجابة عن سؤال سأله البعض بخصوص (الإنحيازات) بعد أن أفضت فى شرحها فى الحلقات السابقة: ماذا عن هؤلاء الأصدقاء والأقرباء الذين لا نعرف لهم إنحيازات..ولكنهم مع ذلك يأخذون مواقف غير عقلانية وغير منطقية ؟ والحقيقة أن البشر معدومو الإنحيازات قليلون جدا... ستجد شيئا محفورا فى داخله أو داخلها منذ قديم الأزل..قد يكون مشهدا سينمائيا أو قصة أو معلومة فى كتاب تاريخ أو ربما شىء يخجل أن يفصح عنه بصراحة مثل: منع مسلسلات رمضان..أو تمشاية مع زوجته فى المساء يخشى أن يمنعه هؤلاء الوحوش منها..أو أن عنده كلب يحبه والإسلاميون على حد علمه لا يحبون الكلاب.. أصحاب المصالح ليسوا فقط..رجال الأعمال والفنانين والمسيحيين وقيادات الجيش والشرطة والإعلام والقضاء والفسدة من المواطنين العاديين.. بالطبع...استقطابات من نوعية: الإسلاميون ضد العلمانيين... وتحالفات من نوعية: الإخوان مع حزب النور مع الجهاديين.. لا تساعد إطلاقا...فهى ترسخ الرعب أكثر..وتختصر كل الخيارات فى إثنين فقط..وبالقطع الخيار الإسلامي الذى يختلط فيه الإخوانى بالسلفى بالجهادى بالتكفيري فى فريق واحد..لن يكون خيارا مفضلا للأغلبية..حتى المتدينة.. أضف إلى مسألة الإنحيازات عوامل أخرى..قد تجعل حتى الكثيرين من المحايدين...يتخذون مواقف غير منطقية...غير موضوعية..بناءا على أباطيل وإشاعات وأكاذيب... منها مثلا أن الكثيرين خصوصا فى مصر يحبون أن يسيروا مع (الرايجة)... أمثال هؤلاء...كانوا يمتدحون مبارك فى عهده...وكانوا متعاطفين مع ثورة يناير أيامها..وانتخبوا الإخوان فى مجلس الشعب...وهم الآن يعتبرون الإخوان إرهابيين... اتباع الإنحياز (الرائج) وسيلة لإكتساب شعبية...وتجنب الصداع والمشاكل والأذية..داخل البيت..وفى محل العمل..وداخل الميكروباص أو التاكسي أيضا.. ...................................... ![]() * منطقة الbias أو منطقة (الإنحيازات المسبقة) منطقة معروفة في التفكير البشري وهى المنطقة الأخطر لأكثر من سبب: - تحكمها العاطفة لا التفكير العقلاني المنطقي.. - منبع معظم الصراعات بين الناس..نتيجة التعارض بينها.. - الكثيرون من البشر على إستعداد للتضحية بحياتهم فى سبيل تلك الإنحيازات.. - تشوه استقبالنا للحقائق وتؤدى لخلل فى التناول وتصديق للإشاعات والأكاذيب التى تدعم انحيازاتنا.. لذلك يحذرنا القرآن الكريم من خطورة تلك الإنحيازات المسبقة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ) المائدة آية(8) أى لا تحملكم كراهيتكم لمجموعة من الناس على ظلمهم.. (لاحظ أن القرآن أقر بوجود الكراهية..وهى انحياز مسبق لم ينكره..لكن دعانا لتحييده وتغليب حكم العدل..وهو حكم مبنى على الحقائق وحدها..) * الفارق بين التعليم الحديث فى الدول المتقدمة...والتعليم القديم فى الدول المتأخرة أن التعليم الحديث بدلا من أن يلقنك المعلومات..يعلمك كيف تفكر..وكيف تحلل..وكيف تكون رأيا..وبالتالى تلتزم حدود معارفك وينمو عندك التفكير العقلاني الموضوعي..لتنتج آراءا ثرية تستند للعلم والمنطق بشكل مستقل إبداعي..لا خزعبلات قائمة على الخرافات أو التقليد الأعمى أو الإشاعات والأكاذيب القائمة على إنحيازات مسبقة.. * يعتنق الناس بشكل عام انحيازات عاطفية مسبقة تجعلهم يلغون عقولهم وينكرون كل الأدلة المنطقية الموضوعية بسبب العوامل التالية: 1- موروثات...العالم الفذ الفائز بنوبل الذي يعبد حجرا أو حيوانا كمثال. 2- مصالح...الفقير الذي يتبنى الإشتراكية أو رجل الأعمال الذي ينضم لحزب رأسمالي كمثال. 3- أهواء..الخمورجي الذي يكره المتدينين كمثال. 4- جهل...المصري الذي يعتقد حقا أن المصريين هم خير شعوب الأرض كمثال. 5- ميل فطري (للتقليد)..خلقه الله سبحانه وتعالى فينا..والغرض منه:سرعة التصرف فى الأمور اليومية التي تستدعي ذلك..هذه الآلية تجعلنا نتبع (المعتاد) و(الدارج) فى بيئتنا دون تدقيق أو تفكير عميق..لكى نتأقلم أولا..ولكى تسير الأمور فى يسر ثانيا.. الإشكالية تحدث عندما ينحدر الوعي إلى درجة تجعل الناس يستسهلون التقليد فى كل شىء..حتى الأمور التي يؤدى التقليد فيها إلى كوارث..وبالتالى ينحاز المجتمع كله أو قطاع كبير منه لفكرة باطلة أو مشوهة..دون أن تحصل على القدر الذى تستحقه من التبين... يقول الرسول عليه الصلاة والسلام: "لا تَكونوا إمَّعةً، تقولونَ: إن أحسنَ النَّاسُ أحسنَّا، وإن ظلموا ظلَمنا، ولَكن وطِّنوا أنفسَكم، إن أحسنَ النَّاسُ أن تُحسِنوا، وإن أساءوا فلا تظلِموا.." الراوي: حذيفة بن اليمان - المصدر: سنن الترمذي - حسن غريب * وهكذا...تجد: - أستاذا جامعيا يدافع عن إختراع الكفتة؟ - مستمتع بكنف الديموقراطية الغربية يؤيد إنقلابا عسكريا في بلاده.. - صديقك الذى عهدته ذكيا راجح العقل..لا يقتنع مهما جلبت له من أدلة موثقة لا تقبل التشكيك أو الإنكار... - أخت تقية متدينة..تؤيد كل الجرائم التى تعرف بكل تأكيد أنها ضد الدين.. - من يقول لك فى نهاية النقاش أنه مقتنع بكل كلمة قلتها..ثم تجده فى اليوم التالى قد عاد لنقطة الصفر!!! - شخص ما يصر على معتقداته حتى إذا تيقن بنسبة 100% أنها باطلة.. * معظم الناس من الأساس يتجهون لمتابعة المنافذ الإعلامية التي تدعم توجهاتهم..وتنحاز نفس إنحيازاتهم..وتبث عليهم ما يريدون سماعه وما يسعدهم سماعه..لا ما يقنعهم أكثر أو يتمتع بمصداقية أكبر أو أشد إحترافية.. * كيف ندافع عن انحيازاتنا ؟ 1- نطلب معايير عالية جدا لمساندة الإتجاه المختلف عنا..ومعايير متهاونة جدا للإتجاه الموافق لنا.. (إذا كنت علمانيا مثلا أعتبر الإسلاميين فاشلين لأنهم لم يحققوا كذا وكذا وكذا وكذا ..وفى نفس الوقت أعتبر العلمانيين ناجحين جدا لأنهم نجحوا فى نصف كذا واحدة..) 2- نلجأ لconfirmation bias أختار الأدلة التي تدعم وجهة نظرى دون غيرها..وأفسرها بطريقة تدعم وجهة نظري. (اختار أدلة ان الأهلى أفضل من الزمالك...وإذا جاءت مادة محايدة أفسرها على أن الأهلى أفضل من الزمالك "ده بغض النظر عن ان الأهلى أفضل من الزمالك فعلا" ) 3- نلجأ لdisconfirmation bias أسفه وأقلل من شأن الأدلة التى تضاد وجهة نظري.. 4- Selective recall الإستدعاء الإنتقائي: أتذكر فقط المواقف والأحداث التي تدعم رؤيتي..وأنسى أو أتناسى ما يخالفها.. * لCore beliefs أو الCore values هى العقائد والقيم الجوهرية الراسخة بداخلنا عن أنفسنا وعن رؤيتنا للعالم من حولنا.. هذه الإنحيازات مثل الشجرة العملاقة القديمة..وهي locked أو مغلقة..إذا حاول أحدهم زعزعتها تأخذ انت فى الحال وضعا دفاعيا للذود عنها بكل قوة..لأنك تشعر دائما أنها جزء من كينونتك وهويتك..وانتزاعها يشبه (قطع من لحمك الحي) كما يقولون فى المثل.. فى المقابل توجد إنحيازات أخرى جديدة هشة إضافية هامشية..يسهل تغييرها عندما تتوفر الأسباب المعقولة.. * سواء كانت إنحيازاتنا قوية أو ضعيفة..هل يمكن تغييرها..؟ أى نعم..يمكن تغييرها بالوسائل الأتية: (ولكن كلما كان الإنحياز متأصلا وعميقا كلما احتاج لجهد ووقت وتأثيرات أكبر..) 1- غربة الإنحياز: إذا خرجت من البيئة الحاضنة للإنحياز..يسهل التغيير.. مثلا: فتاة متدينة تنتقل لتعيش فى داخل الوسط الفني... 2- تبادل علاقات إنسانية مع أصحاب الإنحياز المضاد.. (التعايش بين أصحاب الديانات أو الأيديولوجيات المختلفة قد لا يغير أيديولوجيتك..لكنه على الأقل يشعرك بأن الأخرين ليسوا وحوشا تستحق الكراهية والعداء)... 3- خلخلة الإنحياز بشكل متواصل صبور بدون يأس..وبدون استعجال للنتائج..تكرار تكرار تكرار..لمدة أسبوع...شهر...سنة... (هذا ما يفعله الإعلام الموجه طوال الوقت 4- ظهور أدلة جديدة فى حياتك اليومية بشكل مستمر أن ما تنحاز له يعانى من مشكلات عميقة أو يعرضك لمصائب أو تناقضات عويصة..وأن هناك بديل أفضل.. * أثبتت علوم الأعصاب الحديثة أن الإنسان (المنحاز)...يلغي عقله بطريقة أو أخرى عندما يجد جديد يهدد انحيازاته ويهزها..فيحاول بشكل أو بآخر (تقييف) أو (تلفيق) حلول تحفظ له قوة إنحيازه بشكل عاطفى بعيد عن الموضوعية والمنطق.... يسمى هذا الCognitive dissonance...التنافر الإدراكي.. وينعكس على الشخص عمليا فى صورة واحد من 4 سلوكيات: - إما أنه ينكر الأمر الذي يهدد إنحيازاته.. (مفبرك)..(ماحصلش)..(ماقالش)..(انت بتصدق الكلام ده برضه ؟)..(فوتوشوب).. - أو يعترف ويبدأ فى التبرير غير المنطقي.. ما هو كان لازم يعمل كده علشان.........)... - أو يعترف ويتنازل عن أحد مبادئه.. (مافيش حاجه اسمها قانون أو حقوق إنسان فى مواجهة الإرهابيين).. - أو يعدل سلوكه وآراءه حتى لا يتعرض مستقبلا لمثل هذا الحرج.. (هو ده آه عيب فيه..وكل واحد له عيوبه..بس مزاياه أكتر بكتير).. لاحظ أنه لا يتنازل عن إنحيازه..ولكن لاحظ أيضا أنك قد تمكنت من إدخال عنصر قوي فعال في المعادلة هز انحيازه بشدة جعلته يعطل التفكير العقلاني ويلجأ للعاطفة وحدها ويبدو متناقضا أمام نفسه ويعدل من آرائه ومبادئه وسلوكياته.. يشبه الفيلسوف جوناثان جلوفر انحيازاتنا العميقة الراسخة بمركب فى البحر.. نحن نركب المركب...وكلما أبحرنا بها ظهرت لنا عيوبها...ولكن لأن تلك الإنحيازات جزء لا يتجزأ منا ومن هوياتنا..فنحن نعلم أننا سنغرق مع المركب إذا قفزنا منها او حتى إذا حاولنا إصلاحها بشكل جذرى يهدد سلامتها.. أيضا تركنا لعيوبها تتفاقم...سيؤدى مع الوقت للغرق.. فالحل أننا (نقيفها)..أو نجرى عليها تعديلات بسيطة..وترميمات جزئية ما بين الحين والآخر..لتستمر فى الطفو بسلام..ونستمر نحن عليها آمنين... _________________________________ خطوات عملية مقترحة في ضوء ما سبق ___________________________________ 1- مهم أن تتحرى انحيازات محاورك..قبل أن تحاوره.. إذا كانت له إنحيازات مضادة..فلن يقتنع بمجرد النقاش العقلاني المنطقي الموضوعي مهما جلبت له من أدلة مادية لا تحتمل التشكيك.. تحتاج أن تخلخل إنحيازاته أولا... 2- إذا كانت إنحيازات الطرف الآخر عميقة ومتجذرة بما يشبه العقيدة القديمة الراسخة..فالرحلة معه ستكون مضنية وشاقة..ربما كان من الأفضل أن تدخر جهدك ووقتك لمخاطبة جماهير أكبر وأكثر قابلية للإقتناع والتأثير..إلا إذا كانت لهذا الشخص مكانة خاصة أو عامة تستحق الإستثمار فيها.... 3- الإستثمار فى تحرير وعى الشعب كله بشكل عام يبدأ من تعليم حديث..تحل فيه مفاهيم (التفكير العلمي..بناء الرأى المستقل..حل المشاكل والصراعات) بدلا من التلقين والتقليد وتصديق كل ما يبث.. 4- لا تعول كثيرا على من يتابعون منافذ إعلامية وشخصيات إعلامية مضادة..فمتابعوهم فى الأغلب مثلهم فى الإنحيازات..ويتابعونهم لأنهم يقولون لهم ما يريدون سماعه... ركز على بناء منافذك الإعلامية وشخصياتك الإعلامية..التى تحافظ أولا على المنحازين لك..ثم تسعى لإستقطاب المحايدين أو أصحاب الإنحيازات الضعيفة المتغيرة لصفك.. 5- عندما تسعى لتغيير إنحيازات شخص ما..اتبع الوسائل الآتية: - أخرجه من البيئة التى تدعم إنحيازاته إلى وسط معاد لإنحيازاته أو على الأقل وسط محايد.. - أسس علاقات إنسانية بينه وبين أصحاب الإنحيازات المضادة... - داوم على خلخلة إنحيازاته بصبر وبلا إنتظار للنتائج..بالتكرار..لمدة أسابيع أو شهور أو سنين.. - اجعله يرى تحت الميكروسكوب بشكل مستمر كم وكيف المصائب والكوارث التي تتسبب فيها قناعاته واعرض عليه البديل الأفضل.. 6- ظهور أدلة أن الآخر يعاني من التنافر الإدراكي: - ينكر بلا تفكير أو مناقشة أدلتك..ويهرب من الحوار.. - يبدأ فى التبرير غير المنطقي - يتنازل عن مبدأ من مبادئه أو أكثر.. - يغير آراءه وسلوكياته وقناعاته لكى لا يتعرض لنفس الحرج مستقبلا... كل هذا يعني أنك فى تقدم وأنه فى تراجع.. ولكنه تقدم بطىء وليس بأى حال من الأحوال إنتصار... لا تتركه هاهنا...واصل بصبر التكرار...والضغط..وإخراجه من البيئة التى تدعم إنحيازاته.. واحتمالات النجاح قائمة.. ___________________ المراجع والمصادر ___________________ https://www.youtube.com/watch?v=g5OlT1bvCRE http://www.scribd.com/…/Cognitive-Biases-A-Visual-Study-Gui… http://en.wikipedia.org/wiki/Cognitive_bias http://www.people-press.org/files/legacy-pdf/282.pdf- http://youarenotsosmart.com/2010/06/23/confirmation-bias/ http://psy2.ucsd.edu/~mckenzie/nickersonConfirmationBias.pdf http://thepoliticizer.com/…/lifson-the-biology-of-hypocrisy/ http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed/17069484 http://www.learningandteaching.info/learning/dissonance.htm http://psychcentral.com/…/fighting-cognitive-dissonance-th…/ http://www.jonathanglover.co.uk/g…/transcending-human-values http://www.jonathanglover.co.uk/…/philosophy-beliefs-and-co… ![]() هذه هي صورة الرنين المغناطيسي لمخ شخص أثناء تعرية معتقداته الراسخة.. إنها ليست سخرية ولا إستهزاءا ولا خيال علمي ولا حتى إختراع كفتة... إنما هى تجربة حقيقية لحالات شبيهة منشورة بالفعل كبحث شهير جدا فى واحدة من أكبر مجلات علوم الأعصاب.. ______________ التجربة المعنية أجريت أثناء انتخابات الرئاسة الأمريكية سنة 2004 التي تنافس فيها جورج بوش ضد جون كيري..حيث عرضت على مؤيدي كل مرشح عبارات لهذا المرشح تفضح نفاقه وتناقضاته بما يهدد فرصه فى الفوز...فما كان من مخ المؤيد إلا أنه نشط بقوة مراكز المخ المسئولة عن العاطفة والمراكز المسئولة عن حل الصراعات...بينما أغلق تماما المراكز المسئولة عن التفكير المنطقي العقلاني...كذلك أغلق المراكز المسئولة عن الضيق والإمتعاض...وظهر كل هذا فى صور الرنين المغناطيسي الوظيفي للمخ.. ماذا يعني هذا ؟ يعني أن الإنسان (المنحاز)...يلغي عقله بطريقة أو أخرى عندما يجد جديد يهدد انحيازاته ويهزها..ويحاول بشكل أو بآخر (تقييف) أو (تلفيق) حلول تحفظ له قوة إنحيازه بشكل عاطفى بعيد عن الموضوعية والمنطق.... يسمى هذا الCognitive dissonance...التنافر الإدراكي.. وينعكس على الشخص عمليا فى صورة واحد من 4 سلوكيات: - إما أنه ينكر الأمر الذي يهدد إنحيازاته.. (..(ماحصلش)..(ماقالش)..(انت بتصدق الكلام ده برضه ؟)..(فوتوشوب.. - أو يعترف ويبدأ فى التبرير غير المنطقي... (ما هو كان لازم يعمل كده )..(ما هو الكل بيعمل كده)... - أو يعترف ويتنازل عن أحد مبادئه.. (مافيش حاجه اسمها قانون أو حقوق إنسان فى مواجهة الأعداء).. - أو يعدل سلوكه وآراءه حتى لا يتعرض مستقبلا لمثل هذا الحرج.. (ماليش في الحوار ده)...(هو ده آه عيب فيه..وكل واحد له عيوبه..بس مزاياه أكتر بكتير).. لاحظ أنه فى جميع الأحوال لم يتنازل عن إنحيازه.. لكن لاحظ أيضا أنك قد تمكنت من إدخال عنصر جديد فى المعادلة..عنصر قوي فعال هز انحيازه بشدة جعلته يهرب ويعطل التفكير العقلاني ويلجأ للعاطفة وحدها ويبدو متناقضا أمام نفسه ويعدل من آرائه ومبادئه وسلوكياته.. ألف مبروك...لقد حركت الحجر خطوة واحدة...هل هى خطوة من 10 خطوات..أم خطوة من 100 خطوة ؟ هذا يعتمد على شخصية من تخاطبه ومدى عمق إنحيازاته.. يشبه الفيلسوف جوناثان جلوفر انحيازاتنا العميقة الراسخة بمركب فى البحر.. نحن نركب المركب...وكلما أبحرنا بها ظهرت لنا عيوبها...ولكن لأن تلك الإنحيازات جزء لا يتجزأ منا ومن هوياتنا..فنحن نعلم أننا سنغرق مع المركب إذا قفزنا منها او حتى إذا حاولنا إصلاحها بشكل جذرى يهدد سلامتها.. أيضا تركنا لعيوبها تتفاقم...سيؤدى مع الوقت للغرق.. فالحل أننا (نقيفها)..أو نجرى عليها تعديلات بسيطة..وترميمات جزئية ما بين الحين والآخر..لتستمر فى الطفو بسلام..ونستمر نحن عليها آمنين... ___________________________ فى الحلقة القادمة إن شاء الله..ألخص كل ما سبق مع خطوات عملية مقترحة...حتى لا تتوه منا الأمور..قبل أن ننتقل للمرحلة التالية... ___________________________ ![]() هل تتذكر آخر مرة رأيت فيها شجرة عملاقة..صامدة قرنا بعد قرن من الزمان..جذروها ضاربة في أعماق الأرض..جذعها ضخم عظيم..وقد تفرعت منها الفروع بعد الفروع بعد الفروع ؟ بعض إنحيازاتنا مثل هذه الشجرة..وبعض انحيازاتنا مثل ورقة هشة من أوراقها في مهب الريح..قد تطير فى أية لحظة إلى حيث لا يدرى بها أحد.. .......................... الCore beliefs أو الCore values هى العقائد والقيم الجوهرية الراسخة بداخلنا عن أنفسنا وعن رؤيتنا للعالم من حولنا.. هذه الإنحيازات مثل الشجرة العملاقة القديمة..تربينا عليها منذ الصغر..وكلما مر بنا الزمان كبرت وترعرعت أكثر وأكثر..ونبتت لها المزيد من الفروع التابعة المنتمية لها... هذه الإنحيازات locked أو مغلقة..إذا حاول أحدهم زعزعتها تأخذ انت فى الحال وضعا دفاعيا للذود عنها بكل قوة مهما بدت انحيازاتك غير منطقية ومهما كان الهجوم عليها موضوعيا ومقنعا...لأنك تشعر دائما أنها جزء من كينونتك وهويتك..وانتزاعها يشبه (قطع من لحمك الحي) كما يقولون فى المثل.. فى المقابل توجد إنحيازات أخرى جديدة هشة إضافية هامشية..قد تكون فرعا للإنحياز الجوهري وقد لا تربطها به علاقة...فى جميع الأحوال يسهل تغييرها عندما تتوفر الأسباب المعقولة.. نضرب أمثلة: - ناصرى عمره 70 سنة... عبد الناصر مات منذ أكثر من 40 سنة...وتكشفت تماما مساوىء عصره..وأن إعادة مبادئه للحياة مستحيلة..ومع ذلك مازال هذا الرجل متمسكا بشجرة الناصرية..وفروعها..فرع القومية العربية..فرع حكم العسكر..فرع الإشتراكية..فرع كراهية الإخوان..فرع ثورة يوليو.. تأييد الرجل للسيسي ليس إلا ورقة من تلك الشجرة...ناتجة عن ناصريته..ولكنها ورقة هشة عمرها سنة ونصف فقط..يسهل تطييرها فى مهب الريح.. ولكن هل يمكن أن يتنازل عن ناصريته فى هذه السن وبعد كل هذا الصمود للشجرة فى قلب كينونته ؟ هل توجد جدوى من محاولة إقناع هذا الرجل بالتخلى عن الناصرية ؟ هل سيحب الإخوان أو يقتنع بهم إذا ناقشته لمدة 3 ساعات أو عرضت عليه فيديو يبرئهم ؟ - إخواني تربى منذ الصغر داخل الجماعة...على شجرة العمل الإسلامي بمنظور فرع تحرير فلسطين وفرع دولة الخلافة وفرع محاربة الإستعمار وفرع مكافحة العلمانية وفرع العمل الدعوي أو الخيري وفرع الولاء للتدرج التنظيمى لقيادات الجماعة.. تأييد هذا الشخص لأبو الفتوح مثلا عندما كان قياديا فى مكتب الإرشاد أشبه بورقة الشجرة..سهل أن تختفي عندما ينقطع إنتماء هذه الورقة.. ولكن هل من المجدي أن يحاول علماني إقناعه بوجوب فصل الدين عن السياسة أو تطبيع العلاقات مع إسرائيل..أو أن تحمله على تغيير قيمه بحلقة نقاش أو فيديو...أو حتى بسجنه وتعذيبه ؟ ما هى احتمالات إقتناعه بأدلة يجلبها ضابط أمن دولة أن حماس إرهابية بغض النظر عن محتوى هذه الأدلة ؟ - خذ مثالا عكسيا..هذه الفنانة...التي انتقبت فجأة بعد أن قضت سنين طويلة داخل الوسط الفني..ثم عادت بعد بضع سنين لتخلع النقاب وتمثل أدوار الإغراء.. أو حتى المرأة التى تظل محجبة لسنين ثم تقرر خلع الحجاب فجأة تحت ضغط بعض التأثيرات.. فى الأغلب هذه المرأة لا توجد عندهم إنحيازات أصيلة جوهرية لا لهذا ولا لذاك..مما يدفعها للتقلب سريعا من النقيض للنقيض بين قيم ليس لها عمق فى شخصيتها.. أشجار مهملة ضعيفة فى ركن الحديقة... __________________________________ سواء كانت إنحيازاتنا قوية أو ضعيفة..هل يمكن تغييرها..؟ أى نعم..يمكن تغييرها بالوسائل الأتية: (ولكن كلما كان |